منتدى روضة القرآن

منتدى روضة القرآن (http://rawdatelquran.com/vb/index.php)
-   السيرة النبويه العطرة (http://rawdatelquran.com/vb/forumdisplay.php?f=9)
-   -   وقفة تاريخية ووقفة تفسيرية مع نصّ في «كتاب العثمانية» لأبي عثمان الجاحظ (http://rawdatelquran.com/vb/showthread.php?t=790814)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 5th February 2019 02:14 AM

وقفة تاريخية ووقفة تفسيرية مع نصّ في «كتاب العثمانية» لأبي عثمان الجاحظ
 
ذكر أبو عثمان الجاحظ في «كتاب العثمانية» (ص113-115) في سياق ذكره فضائل أبي بكر رضي الله عنه وما نزل فيه من آيات، أن من الآيات ما أجمع المفسرون على نزولها في أبي بكر رضي الله عنه، ومنها ما لم يجىء المجيء الذي يحتجّ به المنصف والمرشد، فذكر من النوع الأول: الآية التي نزلت في قصة الغار، والآية التي نزلت في قصة مسطح بن أثاثة رضي الله عنه، وذكر أن قولَه تعالى: (والذي قال لوالديه أُفٍّ لكُمَا أتعدانني أن أُخرَج وقد خلت القرون من قبلي وهما يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين) عنى به الله تعالى أبا بكر، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وأُمَّه - رضي الله عنهم - بإجماع أهل التأويل، ثُمَّ قال (ص113): «وكان أبو بكر وأهل بيته أهل بيت إسلام: كان هو مسلمًا، وامرأته مسلمة، وأبواه مسلمان، وبناته مسلمات، وليس في العشرة الذين قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم إنهم في الجنة، ولا في قريش قاطبة رجل مؤمن مؤمن الأبوين غير أبي بكر الصديق، ولا في قريش خاصة والمهاجرين عامة صاحب ابن صاحب ابن صاحب غير عبد الله قتيل الطائف، ابن أبي بكر الصديق، ابن أبي قحافة المسلم يوم مكة، والقائل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: «فهلا تركت الشيخ في منزله فأتيناه». وله صحبة».
قال مقيده - عفا الله عنه -: مع كلام الجاحظ وقفتان الأولى تفسيرية، والثانية تاريخية.
أما الوقفة التفسيرية: فقد أخرج ابن أبي حاتم (18572)، وأبو يعلى – كما في «فتح الباري» (14/265) - من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله المدني قال: إني لفي المسجد حين خطب مروان، فقال: إن الله أرى أمير المؤمنين في يزيد رأيًا حسنًا، وإن يستخلفه فقد استخلف أبو بكر وعمر.
فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: أهرقلية؟! إن أبا بكر والله ما جعلها في أحد من ولده، ولا أحد من أهل بيته، ولا جعلها معاوية في ولده إلا رحمة وكرامة لولده.
فقال مروان: ألست الذي قال لوالديه: أُفٍّ لكُما؟
فقال عبد الرحمن: ألست ابن اللعين الذي لعن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أباك.
قال: وسمعتهما عائشة فقالت: يا مروان، أنت القائل لعبد الرحمن كذا وكذا؟ كذبت، ما فيه نزلت، ولكن نزلت في فلان بن فلان. ثم انتحب مروان، ثم نزل عن المنبر حتى أتى باب حجرتها فجعل يكلمها حتى انصرف. والحديث أخرجه البخاري برقم (4827) من طريق يوسف بن ماهك، فذكر نحوه مختصرًا.
فنفي عائشة رضي الله عنها أن تكون الآية نزلت في أخيها عبد الرحمن ناقضٌ لدعوى إجماعِ أهل التأويل نزولَها فيه.
نعم، ورد أنها نزلت فيه من طريق العوفي عن ابن عبّاس، ومن طريق ابن جريجٍ عمن لم يسمّه، ومن طريق أسباط عن السدّي، وذكر أن توبته نزلت في الآية التي بعدها: (ولكل درجات مما عملوا)، وجزم مقاتل بذلك في تفسيره. ذكر ذلك ابن حجر في «فتح الباري» (14/265) ثم قال: «لكن نفي عائشة أن تكون نزلت في عبد الرحمن وآل بيته أصحُّ إسنادًا وأولى بالقبول».
وقال أبو محمد ابن عطية في «تفسيره» (8/742): «والأصوب أن تكون عامة في أهل هذه الصفات، ولم يقصد بها عبد الرحمن، ولا غيره من المؤمنين، والدليل القاطع على ذلك قوله: «أولئك الذين حق عليهم القول في أمم»، وكان عبد الرحمن رحمه الله من أفضل الصحابة ومن الأبطال، وممن له في الإسلام غَناء، ويكفيه مقامه مع مروان يوم اليمامة وغيره».
وقال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (2/825): «حضر يوم اليمامة مع خالد بن الوليد فقتل سبعة من كبارهم، شهد له جماعة بذلك عند خالد بن الوليد، وهو الذي قتل محكم اليمامة بن الطفيل، رماه بسهمٍ في نحره».
قلت: وقد كان عبد الرحمن من أشد المنكرين على معاوية توليته ابنه يزيد، كما جاء في الرواية آنفة الذكر، وذكر خليفة بن خياط رواياتٍ أخرى في «تاريخه». وقد اخترمت المنية عبدَ الرحمن قبل أن يؤول الملك إلى يزيد، فلم يُدرِك زمانه.
والحاصل أنه وردت بعض الروايات عن المفسرين في نزول الآية في عبد الرحمن وأبويه رضي الله عنهم قبل إسلامه، لكن ليس ذلك بإجماعٍ من المفسرين، فلا يصح للجاحظ أن يدعي الإجماع على ذلك، وأن يقرن بين هذه الآية وبين ما أجمع المفسرون على نزوله في أبي بكر رضي الله عنه من الآيات الدالة على فضله، كالآية المتعلقة بالغار، والآية المتعلقة بقصة مسطح بن أثاثة رضي الله عنه.
وقد وصف الجاحظ رواية الحسن في تأويل قوله تعالى: (فسوف يأتي الله يقومٍ يحبهم ويحبونه) بأنها في أبي بكر ومن قاتل معه في قتال أهل الردّة؛ وصفها بأنها لم تجيء مجيئًا يحتج به المنصف والمرشد، والأولى أن توصف بهذا الوصف تلك الروايات الواردة في نزول قوله تعالى: (والذي قال لوالديه أف لكما) في عبد الرحمن وأبويه رضي الله عنهم.
أما الوقفة التاريخية: فما ذكره الجاحظ من كون عبد الله ابن أبي بكر رضي الله عنهما صاحبًا ابن صاحبٍ ابن صاحبٍ حقٌّ، لكن هل انفرد عن غيره في ذلك فيصحَّ قوله: «وليس في قريش خاصة والمهاجرين عامة صاحب ابن صاحب ابن صاحب غير عبد الله قتيل الطائف»؟ أخوه عبد الرحمن شركه في ذلك، وزاد عليه بأن ابنه أبا عتيق محمدًا صحابي. قال الإمام البخاري في «التاريخ الكبير» (1/131): قال لي (أبو بكر) عبد الرحمن بن شيبة: حدثني محمد (بن عبد الله بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر) عن موسى بن عقبة، قال: «ما نعلم أربعة في الإسلام أدركوا النبي صلى الله عليه وسلم؛ الآباء مع الأبناء إلا أبو قحافة، وأبو بكر، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وأبو عتيق بن عبد الرحمن بن أبي بكر». واستُدرِك على موسى بن عقبة بما يقتضي المشاركة والزيادة من غير عبد الرحمن أيضًا. قال ابن حجر في «الإصابة» (10/379) بعد ذكر قول موسى بن عقبة: «وتلقّاه عنه جماعة، واستدرك بعضُهم عليه عبد الله بن الزبير؛ فإنه هو، وأُمَّهُ أسماءَ بنتَ أبي بكر، وجدّها، وأباها، أربعة في نسق كذلك، وقد يَلحق بذلك ابنُ أسامة بن زيد بن حارثة، فقد مضى الثلاثة في تراجمهم، وأما ابن أسامة فلم يسمَّ، وذكر الواقديّ أن أسامة زوّجه النبيّ صلى اللَّه عليه وآله وسلم، ووُلِد له في عهده».

عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]


الساعة الآن 06:18 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. MTWER

mamnoa 2.0 By DAHOM