16th April 2019
|
|
ضابط نسيان القرأن الذي هو كبيرة عند الشافعية
بسم الله الرحمن الرحيم
ابن حجر الهيتمي
ملخص الضوابط:
قال:
- المراد بالنسيان المحرم : أن يكون بحيث لا يمكنه معاودة حفظه الأول إلا بعد مزيد كلفة وتعب لذهابه عن حافظته بالكلية،
-وأما النسيان الذي يمكن معه التذكر بمجرد السماع أو إعمال الفكر فهذا سهو لا نسيان في الحقيقة فلا يكون محرما وتأمل تعبيره - صلى الله عليه وسلم - بأسقطتها دون أنسيتها يظهر لك ما قلناه
وقال:
-المدار في النسيان إنما هو على الإزالة عن القوة الحافظة بحيث صار لا يحفظه عن ظهر قلب كالصفة التي كان يحفظه عليها قبل.
وقال:
فالنسيان بالمعنى الذي ذكرته حرام بل كبيرة ولو لآية منه كما صرحوا به، بل ولو لحرف كما جزمت به في شرح الإرشاد وغيره
-لأنه متى وصل به النسيان ولو للحرف إلى أن صار يحتاج في تذكره إلى عمل وتكرير فهو مقصر آثم، ومتى لم يصل إلى ذلك بل يتذكره بأدنى تذكير فليس بمقصر وهذا هو الذي قل من يخلو عنه من حفاظ القرآن؛ فسومح به
وقال:
-ويؤخذ من قولهم إن نسيان آية منه كبيرة أيضا أنه يجب على من حفظه بصفة من إتقان أو توسط أو غيرهما كأن كان يتوقف فيه أو يكثر غلطه فيه أن يستمر على تلك الصفة التي حفظه عليها فلا يحرم عليه إلا نقصها من حافظته، أما زيادتها على ما كان في حافظته فهو وإن كان أمرا مؤكدا ينبغي الاعتناء به لمزيد فضله إلا أن عدمه لا يوجب إثما.
قيل في السؤال:-وهل يعذر به إذا كان لاشتغاله بمعيشة عياله التي لا بد منها؟
فأجاب: ولا يعذر به، وإن كان لاشتغاله بمعيشة ضرورية لأنه مع ذلك يمكنه المرور عليه بلسانه أو قلبه فلم يوجد في المعايش ما ينافي هذا المرور فلم يكن شيء منها عذرا في النسيان نعم المرض المشغل ألمه للقلب واللسان والمضعف للحافظة عن أن يثبت فيها ما كان فيها لا يبعد أن يكون عذرا؛ لأن النسيان الناشئ من ذلك لا يعد به مقصرا لأنه ليس باختياره، إذ الفرض أنه شغل قهرا عنه بما لم يمكنه معه تعهده
وقال:
قال الجلال البلقيني والزركشي وغيرهما: محل كون نسيانه كبيرة عند من قال به إذا كان عن تكاسل وتهاون انتهى،
-وكأنه احترز بذلك عما لو اشتغل عنه بنحو إغماء أو مرض مانع له من القراءة وغيرهما من كل ما لا يتأتى معه القراءة، وعدم التأثيم بالنسيان حينئذ واضح لأنه مغلوب عليه لا اختيار له فيه بوجه ،
-بخلاف ما إذا اشتغل عنه بما يمكنه القراءة معه، وإن كان ما اشتغل به أهم وآكد كتعلم العلم العيني لأنه ليس من شأن تعلمه الاشتغال به عن القرآن المحفوظ حتى نسي،
الزواجر عن اقتراف الكبائر
الكبيرة الثامنة والستون:
نسيان القرآن ،أو آية منه ،بل أو حرف
أخرج الترمذي والنسائي عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها» .
وأبو داود عن سعد بن عبادة: «ما من امرئ يقرأ القرآن ثم ينساه إلا لقي الله يوم القيامة أجذم» .
وأخرج محمد بن نصر عن أنس أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن من أكبر ذنب توافى به أمتي يوم القيامة لسورة من كتاب الله كانت مع أحدهم فنسيها» .
وأخرج ابن أبي شيبة عن الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «عرضت علي الذنوب فلم أر فيها شيئا أعظم من حامل القرآن وتاركه» : أي بعد ما كان حامله بأن نسيه.
وأخرج أيضا عن سعد بن عبادة: «ما من أحد يقرأ القرآن ثم ينساه إلا لقي الله وهو أجذم» .
وأخرج محمد بن نصر عن سعد بن عبادة: «من تعلم القرآن ثم نسيه لقي الله وهو أجذم» .
تنبيهات:
عد نسيان القرآن كبيرة هو ما جرى عليه الرافعي وغيره، لكن قال في الروضة: إن حديث أبي داود والترمذي: «عرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها» في إسناده ضعف. وقد تكلم فيه الترمذي انتهى.
وكلام الترمذي الذي أشار إليه هو قوله عقبه " غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وذاكرت به محمد بن إسماعيل: أي البخاري فلم يعرفه واستغربه. قال محمد: ولا نعرف للمطلب بن حنطب أي رواية سماعا من أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال عبد الله: وأنكر علي بن المديني أن يكون المطلب سمع من أنس. " انتهى كلام الترمذي، وبه يعلم أن مراد النووي بقوله " في إسناده ضعف " أي انقطاع لا ضعف في الراوي الذي هو المطلب لأنه ثقة كما قاله جماعة. لكن قال محمد بن سعيد: لا يحتج بحديثه لأنه يرسل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كثيرا وليس له لقي. وبين الدارقطني أن فيه انقطاعا آخر وهو أن ابن جريج راويه عن المطلب المذكور لم يسمع من المطلب شيئا كما أن المطلب لم يسمع من أنس شيئا فلم يثبت الحديث بسبب ذلك، وما ذكر أنه لم يسمع من أحد من الصحابة شيئا يرد عليه قول الحافظ المنذري: إنه روى عن أبي هريرة. وحديث: «ما من امرئ يقرأ القرآن ثم ينساه إلا لقي الله يوم القيامة أجذم» فيه انقطاع وإرسال أيضا، وسكوت أبي داود عليه معترض بأن فيه يزيد بن أبي زياد وليس صالحا للاحتجاج به عند كثيرين. لكن قال أبو عبيد الآجري عن أبي داود لا أعلم أحدا ترك حديثه، وغيره أحب إلي منه. وقال ابن عدي: هو من شيعة أهل الكوفة ومع ضعفه يكتب حديثه انتهى، وبالتعبير فيه بامرئ الشامل للرجل وغيره يعلم أن ذكر الرجل في الحديث الذي قبل هذا إنما هو للغالب.
ومنها: الظاهر من الروضة أنه موافق للرافعي على ما مر عنه من أن ذلك كبيرة فإنه لم يعترضه في الحكم، وإنما أفاد أن الحديث ضعيف على ما مر، ومن ثم جرى مختصرو الروضة وغيرهم على ذلك،
وبه يتضح قول الصلاح العلائي في قواعده: إن النووي قال: اختياري أن نسيان القرآن من الكبائر لحديث فيه انتهى، فأراد باختياره لذلك أنه أقر الرافعي عليه وذلك مشعر باختياره واعتماده. نعم قوله " لحديث فيه " فيه نظر لأنه لم يختره لذلك الحديث، كيف وهو مصرح بضعف ذلك الحديث والطعن فيه، وإنما سبب تقريره للرافعي على ذلك اتضاحه من جهة المعنى وإن كان في دليله شيء على أن الذي مر أن فيه انقطاعا وإرسالا، وقد يؤخذ من تعداد طرقه التي أشرت إليها فيما مر جبر ما فيه. وبما وجهت به كلام العلائي مع النظر فيه من الجهة السابقة يعلم ما في قول الجلال البلقيني لم يظهر من كلام النووي اختيار كونه كبيرة خلافا للعلائي، وبذلك أيضا يرد قول الزركشي: إنه في الروضة خالف الرافعي في كون نسيان القرآن كبيرة.
ومنها:
قال الجلال البلقيني والزركشي وغيرهما: محل كون نسيانه كبيرة عند من قال به إذا كان عن تكاسل وتهاون انتهى،
-وكأنه احترز بذلك عما لو اشتغل عنه بنحو إغماء أو مرض مانع له من القراءة وغيرهما من كل ما لا يتأتى معه القراءة، وعدم التأثيم بالنسيان حينئذ واضح لأنه مغلوب عليه لا اختيار له فيه بوجه ،
-بخلاف ما إذا اشتغل عنه بما يمكنه القراءة معه، وإن كان ما اشتغل به أهم وآكد كتعلم العلم العيني لأنه ليس من شأن تعلمه الاشتغال به عن القرآن المحفوظ حتى نسي،
-ويؤخذ من قولهم إن نسيان آية منه كبيرة أيضا أنه يجب على من حفظه بصفة من إتقان أو توسط أو غيرهما كأن كان يتوقف فيه أو يكثر غلطه فيه أن يستمر على تلك الصفة التي حفظه عليها فلا يحرم عليه إلا نقصها من حافظته، أما زيادتها على ما كان في حافظته فهو وإن كان أمرا مؤكدا ينبغي الاعتناء به لمزيد فضله إلا أن عدمه لا يوجب إثما.
وحمل أبو شامة شيخ النووي وتلميذ ابن الصلاح الأحاديث في ذم نسيان القرآن على ترك العمل، لأن النسيان هو الترك لقوله تعالى: {ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي} [طه: 115] قال: وللقرآن يوم القيامة حالتان: إحداهما: الشفاعة لمن قرأه ولم ينس العمل به. والثانية: الشكاية على من نسيه: أي تركه تهاونا به ولم يعمل بما فيه، قال: ولا يبعد أن يكون من تهاون به حتى نسي تلاوته كذلك انتهى.
-وهذا الذي زعم أنه لا يبعد هو المتبادر من النسيان الواقع في الأحاديث السابقة فهو المراد منها خلافا لما زعمه. وسيأتي في حديث البخاري في كتاب الصلاة تشديد عظيم وعذاب أليم لمن أخذ القرآن ثم رفضه ونام عن الصلاة المكتوبة، وهذا ظاهر في النسيان أيضا.
ومنها:
قال الخطابي: قال أبو عبيدة: الأجذم المقطوع اليد. وقال ابن قتيبة: الأجذم هاهنا المجذوم. وقال ابن الأعرابي: معناه لا حجة له ولا خير فيه. وجاء مثله عن سويد بن غفلة.
ومنها:
قال القرطبي: لا يقال حفظ جميع القرآن ليس واجبا على الأعيان، فكيف يذم من تغافل عن حفظه؟ لأنا نقول: من جمعه فقد علت رتبته وشرف في نفسه وقومه، وكيف لا؟ ومن حفظه فقد أدرجت النبوة بين جنبيه، وصار ممن يقال: فيه هو من أهل الله وخاصته، فإذا كان كذلك فمن المناسب تغليظ العقوبة على من أخل بمرتبته الدينية، ومؤاخذته بما لا يؤاخذ به غيره، وترك معاهدة القرآن يؤدي إلى الجهالة انتهى.
الفتاوى الفقهية
(وسئل) - رضي الله عنه - بما لفظه
صرحوا بأن نسيان القرآن كبيرة فكيف ذلك
-مع خبر الصحيحين لا يقول أحدكم نسيت آية كذا وكذا، بل يقول نسيت
-وخبرهما أنه سمع رجلا يقرأ فقال - رحمه الله - لقد أذكرني آية كنت أسقطتها
-وما المراد بالنسيان
-وهل يعذر به إذا كان لاشتغاله بمعيشة عياله التي لا بد منها؟
-وهل يشمل ذلك نسيان الخط بأن كان يقرؤه غيبا، ومن المصحف فصار لا يقرؤه إلا غيبا وفي عكسه هل يحرم أيضا؟
(فأجاب)
بقوله لا تنافي بين الحديثين والحديث الدال على أن نسيان القرآن كبيرة أما الأول فلأن الأمر بأن يقول نسيت بتشديد السين أو أنسيت إنما هو لرعاية الأدب مع الله تعالى في إضافة الأشياء إليه؛ لأنها منه بطريق الحقيقة خيرها وشرها، ونسبتها للعبد إنما هي من حيث الكسب والمباشرة فأمرنا برعاية هذه القاعدة العظيمة النفع العزيزة الوقع التي ضل فيها المعتزلة ومن تبعهم كالزيدية،
فليس في هذا الحديث أن النسيان كبيرة ولا أنه غير كبيرة كما اتضح مما قررته.
وأما الثاني فهو دليل على أن المراد بالنسيان المحرم *أن يكون بحيث لا يمكنه معاودة حفظه الأول إلا بعد مزيد كلفة وتعب لذهابه عن حافظته بالكلية*،
وأما النسيان الذي يمكن معه التذكر بمجرد السماع أو إعمال الفكر فهذا سهو لا نسيان في الحقيقة فلا يكون محرما وتأمل تعبيره - صلى الله عليه وسلم - بأسقطتها دون أنسيتها يظهر لك ما قلناه
ولا يعذر به، وإن كان لاشتغاله بمعيشة ضرورية لأنه مع ذلك يمكنه المرور عليه بلسانه أو قلبه فلم يوجد في المعايش ما ينافي هذا المرور فلم يكن شيء منها عذرا في النسيان نعم المرض المشغل ألمه للقلب واللسان والمضعف للحافظة عن أن يثبت فيها ما كان فيها لا يبعد أن يكون عذرا؛ لأن النسيان الناشئ من ذلك لا يعد به مقصرا لأنه ليس باختياره، إذ الفرض أنه شغل قهرا عنه بما لم يمكنه معه تعهده وقد علم مما قررته أن المدار في النسيان إنما هو على الإزالة عن القوة الحافظة بحيث صار لا يحفظه عن ظهر قلب كالصفة التي كان يحفظه عليها قبل.
ونسيان الكتابة لا شيء فيه
ولو نسيه عن الحفظ الذي كان عنده ولكنه يمكنه أن يقرأه في المصحف لم يمنع ذلك عنه إثم النسيان لأنا متعبدون بحفظه عن ظهر قلب، ومن ثم صرح الأئمة بأن حفظه كذلك فرض كفاية على الأمة، وأكثر الصحابة كانوا لا يكتبون وإنما يحفظونه عن ظهر قلب
وأجاب بعضهم عن الحديث الثاني بأن نسيان مثل الآية أو الآيتين لا عن قصد لا يخلو منه إلا النادر وإنما المراد نسيان ينسب فيه إلى تقصير، وهذا غفلة عما قررته من الفرق بين النسيان والإسقاط، فالنسيان بالمعنى الذي ذكرته حرام بل كبيرة ولو لآية منه كما صرحوا به، بل ولو لحرف كما جزمت به في شرح الإرشاد وغيره *لأنه متى وصل به النسيان ولو للحرف إلى أن صار يحتاج في تذكره إلى عمل وتكرير فهو مقصر آثم*، ومتى لم يصل إلى ذلك بل يتذكره بأدنى تذكير فليس بمقصر وهذا هو الذي قل من يخلو عنه من حفاظ القرآن؛ فسومح به
وما قدمته من حرمة النسيان وإن أمكن معه القراءة من المصحف نقله بعضهم عن جماعة من محققي العلماء وهو ظاهر جلي والله أعلم بالصواب.
فتح الإله بشرح المشكاة
وَعَنْه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: «عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي حَتَّى الْقَذَاةُ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ آيَةٍ أُوتِيهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُد
(وَعَنْه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ) أعمال (أُمَّتِي حَتَّى الْقَذَاةُ) أي أجر إخراجها فحملة (يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ الْمَسْجِدِ) جملة مستأنفة للبيان أو عاطفة على أجور فالقذاة مبتدأ ويخرجها خبره (وَعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا) أي يترتب على نسيانٍ (أَعْظَمَ مِنْ) ذنب نسيان (سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ آيَةٍ أُوتِيهَا رَجُلٌ) أي حفظها عن ظهر القلب (ثُمَّ نَسِيَهَا) وعبر عنه بأوتيها لإفادة أنها كانت نعمة عظيمة أولاها الله تعالى إياه ليقوم بها ويشكر موليها فلما نسيها كأنه كفر تلك النعمة، ومن ثم كان نسيانها أعظم إثما من نسيان ما سواها، وبما قدرته هنا وفي الحديث = يجاب عن إشكال أن الذنوب فيها كبائر أعظم من هذا بكثير. وقول الشارح إن هذا ليس بكبيرة عجيب مع تصريح أئمتنا بأن نسيان شيء منه ولو حرفًا بلا عذر كمرض وغيبة عقل كبيرة, أي بناء على المختار في حدها أنها كل جريمة تؤذن بقلة اكتراث - أي اعتناء- مرتكبها بالدين ورقة الديانة
قيل : شطر الحديث مقتبس من قوله تعالى (قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتۡكَ ءَایَـٰتُنَا فَنَسِیتَهَاۖ وَكَذَٰلِكَ ٱلۡیَوۡمَ تُنسَىٰ)انتهى. وهذا على قول في الآية وأكثر المفسرين على أنها في الشرك
(رواه الترمذي) وتكلم فيه (وأبو داود) وأخرجا أيضا (من قرأ القرآن ثم نسيه لقي الله يوم القيامة أجذم)
وحكمة شطريه أن المسجد بيته تعالى والقرآن كلامه، فكما اقتضى القيام بحرمة بيته مدح فاعله وعظيم أجره اقتضى ضده - وهو عدم القيام بحق تلاوته والتغافل عنه حتى ضيعه ونسيه - ذم فاعله والمبالغة في ذمه بأنه لا أعظم من ذنبه.
ثم رأيت الشارح وجه ذلك بنحو ما ذكرته محتجًا به: لما عد إخراج القذرة التي لا تؤبة لها من الأجور تعظيما لبيت الله، عد أيضًا النسيان من أعظم الجرم تعظيما لكلام الله. فكأن فاعل ذلك عد الحقير عظيما بالنسبة إلى العظيم فأزاله عنه، وصاحب هذا عد العظيم حقيرا فأزاله عن قلبه. انظر إلى هذه الأسرار العجيبة التي احتوتها الكلمات اليسيرة (الحمد لله الذي هدانا لهذا ...) انتهى
حاشيته على الإيضاح
وقال عند قول النووي (إذا استقر عزمه بدأ بالتوبة من جميع المعاصي)
من شرطها:
- قضاء نحو صلاة وإن كثرت
-ويجب عليه صرف سائر زمنه لذلك ما عدا الوقت الذي يحتاج لصرفه في تحصيل مؤنة نفسه وعياله -وكذا يقال في نسيان القرآن أو بعضه بعد البلوغ
المصدر...
|