إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله،
وبعد.
وصايا للأحبة
أول وصية أسوقها إلى أخواتي في الله وبناتى الحبيبات الذين يسيرون في الطريق في البدايات؛ لأن البدايات هذه فيها الخطورة، ومن ثم إذا سلك الطريق وصل.
أولها: الثبات على دين الله،
وللثبات على دين الله أسباب كثيرة منها:
أول وأعظم سبب: الاعتصام بكتاب الله، إذ لا يمكن أن يزيغ من كان مع الله في كتابه، والدليل قوله عز وجل في سورة الفرقان:
{ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً }
[الفرقان:32]
ماذا قال الله؟ قال: { كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً }
[الفرقان:32]
فالقرآن وسيلة عظيمة من وسائل التثبيت، ومما يحز في النفس أن نسمع أن من إخواننا الطيبين من يمر عليه الشهر دون أن يختم القرآن، وهذا يعتبر هجراً لكتاب الله، أقل ما يمكن أن تختم في كل ثلاثين يوماً مرة واحدة، أن يكون وردك اليومي جزءاً من كتاب الله، أقل شيء وهذا الحد الأدنى،
بعده اختم في كل شهر ثلاث مرات، اختم في كل عشرة أيام مرة، اختم في كل أسبوع مرة، اختم في كل ثلاث أيام مرة، ولا تزد على ذلك؛ لأن من قرأه في أقل من ثلاث لا يفقهه،
ومن مكث ثلاثين يوماً ولم يقرأه فيخشى عليه أن يكون ممن قال الله فيهم:
{ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً }
[الفرقان:30].
وطبيعي أن كل واحده منكم تعرف نفسها: هل هى تقرأ بمعدل جزء في اليوم أم لا؟
لا بد أن تقرأ في كل يوم جزءاً، كيف ذلك؟
نقرأ القرآن بتدبر وترتيل وتفهم، وإذا أشكل عليكِ شيء من كلام الله وفهمه، من سبب نزول أو تفسير لآية فارجعى إلى التفاسير
وأنا أرى أن أحسن وقت للتلاوة بعد صلاة الفجر أو بعد صلاة العشاء عندما تريد أن تنام،
هذه واحدة.
الثانية من وسائل التثبيت:
دراسة قصص الأنبياء، لأن قصص الأنبياء فيها عبرة:
{ كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ }
[الفرقان:32]
{ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى }
[يوسف:111]
وأنتِ تأخذى دروساً عملية ليست من نسج الخيال، ولكن من واقع التطبيق العملي على يد أشرف فئة اختارهم الله من خلقه وهم الأنبياء، وتأخذ منهم القدوة،
يقول الله عز وجل:
{ وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ }
[هود:120].
الثالثة من وسائل التثبيت:
فعل أوامر الله وترك نواهيه، فلا تترك لله أمراً، ولا ترتكبِ لله نهياً، ما هو الدليل؟
قال عز وجل:
{ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً }
[النساء:66]
أعظم تثبيت لكِ على الإيمان أن تفعل ما وعظك الله به، من فعل طاعة وترك ومعصية،
أما أن تترك الطاعات وترتكب المعاصي وتقول: أريد من الله أن يثبتني، فلا.
كيف يثبتك وأنت لم تثبتِ؟!
اثبتِ يثبتك الله؛ لأن الله يقول:
{ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا }
[إبراهيم:27]
ما قال: يثبت الله الذين كفروا، أو الذين ضلوا، أو الذين زاغوا وانحرفوا، لا.
{ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ }
[إبراهيم:27].
الرابعة: الدعاء:
وهذا هدي الرسول صلى الله عليه وسلم، كان يقول:
(ما قلب من قلوب بني آدم إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء ثم قال صلى الله عليه وسلم نفسه: اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك. )
شرح البخارى
فباستمرار اجعلى هذا الدعاء في صلب دعائكِ، في الليل والنهار والسجود والسحر، وكل مناسبة،
قولى: يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على طاعتك،
وقد ذكر الله هذا عن عباده المؤمنين الذين يقولون:
{ رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ }
[آل عمران:8].
الوصية الخامسة:
الأخذ من عالم ربانى تثق فيه
فالعالم يدلكم على الطريق إلى الله ، وإذا أشكل عليكِ شيء فتقولى له: الأمر كذا وكذا فما هو الحل، لا تتصرف من عندك، وإن قوماً شككوا في قدرة العلماء وزعزعوا قدرة المسلمين في العلماء، فكانت نهايتهم الهلاك،
لماذا؟ لأن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في الذين ينالون منهم معلومة، العلماء واجهة الإسلام والدين،
والحمد لله بلادنا مملوءة بالعلماء الصالحين، ولا نزكيهم على الله،
الوصية السادسة:
عدم العزلة عن الناس.
هناك بنات طيبات تقول: الناس ليس فيهم خير، وتنعزل وتجلس بعيداً عن الناس تنظر إلى المجتمع على أنه ليس بمسلم، بينما المجتمع مسلم وبخير،
والمنكرات والمعاصي موجودة في كل زمان ومكان، وليست طريقة أنكِ تبتعد،
وما بعث الأنبياء في الصحاري والجبال والقفار، كل نبي بعث في قومه، يدعوهم ويصبر على أذاهم ويبلغهم دين الله، وأنت يجب أن تصبر بشرط أن يكون عندكِ عزلة واتصال،
عزلة عن المعاصي، فلا تجلس معهم فيها، واتصال معهم في الخير، تكون في اجتماعاتهم وجلساتهم وتبلغى الخير،
لكن لا تشاركهم في المنكر.
أما أن تتخذ منهم جانب الانعزال, فهذا خطأ، لا يصح.
الأمر الأخير
أن تعطي للبيت أكثر مما كنت تعطي في الماضي، وأن تشعر أمك وأباك وإخوتك بأنكِ إنسانه جديده، أثرت فيكِ الهداية والالتزام وجعلتكِ أكثر عطاء واهتماماً بمشاكلهم
أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم
[/align]