بسم الله الرحمن الرحيم
ماذا لو؟
ماذا لو كانت المصائب والمسرات تصيب الناس بلا تقدير، بل تدور خبط عشواء، فقد تصيبك وتترك غيرك لا لحكمة ولا لسابق علم؟
ماذا لو أن الله وكل تقدير الأقدار إلى ملائكة لا نعلم عن رحمتهم ولا حكمتهم ولا عدلهم؟
ماذا لو كانت البلايا منفكة عن الجزاء، بحيث تُبتلى ويُنعم غيرك، ثم تستويان في الجزاء والمصير إن استوى عملكما، وضاع صبرك على بلائك سدىً؟
أسئلة غريبة، أليس كذلك؟
لكني وجدت فيها إجابة لسؤال قديم لطالما كنت أتساءله في نفسي، وهو:
ما المعنى في أن يصبر الله أصحاب المصائب بأن مصائبهم هذه مقدرة من قديم؟
كقوله تعالى:
((ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير (22) لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور (23) )) (الحديد)
إذن فهذه المصائب ليست خبط عشواء، بل مقدرة قبل ظهورها، فلا داعي للأسى.
والله لم يوكل أحدا –لا نعلم عنه شيئا- ليقدرها، بل: ((ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله)) (التغابن)...
الله الذي نعلم أنه:
1. عليم يجعل في المحن منحا من حيث لا ندري: ((وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون)).
2. ونعلم عنه أنه ((لطيف بعباده)) فيقدر ما يقدره علينا بلطف.
3. ونعلم عنه أنه حكيم كما قال يوسف عليه السلام –بعدما رأى فتوحات ربه عليه في البلاء-: (إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم)).
4. ونعلم عن عدله إذ–كما قال يوسف عليه السلام أيضا- ((إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين)).
إذن فعندما نسمع الآيات التي تتكلم عن القدر، والأحاديث مثل ((واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك)) فلنعلم أنها تذكرنا بحقيقة أن هذه الأقدار إنما قدرها الله الذي نعلم عن علمه وحكمته ولطفه ورحمته وعدله، فلنسلم له أنفسنا بطمأنينة.
والسلام عليكم.
د. إياد قنيبي