ضياع الإنجيل الأصلى ... إنجيل المسيح

ضياع الإنجيل الأصلى ... إنجيل المسيح

* الكل يعلم أننا كمسلمين نؤمن بإنجيل المسيح الذى أنزله الله على عيسى عليه الصلاة والسلام .
- قال تعالى:
{وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} [المائدة:46]
؛ بينما النصارى يؤمنون بأناجيل التلاميذ وتلاميذ التلاميذ مثل متى ومرقص ولوقا ويوحنا !!

فهل كان يوجد انجيل حقيقى للمسيح أم أن أسفار وكتابات المؤلفين المجاهيل هى التى تمثل الإنجيل الصحيح ؟

أولا : القارىء لنصوص العهد الجديد يجد أن هناك نصوصا تؤكد أن هناك إنجيلا حقيقيا ملموسا نزل على المسيح يُسمى إِنْجِيلَ الله أو انجيل المسيح .
-مثل قول بولس فى تسالونيكى الثانية 1 : 8
" مُعْطِياً نَقْمَةً لِلَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ اللهَ وَالَّذِينَ لاَ يُطِيعُونَ إِنْجِيلَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ "
يتكلم بولس فى هذا النص عن إنجيل حقيقى وليس بشارة ؛ لأن البشارة يؤمن بها أما فى النص فيوبخهم لأنهم لا يطيعون ولا يعملون بما فى الإنجيل من تعاليم ؛ ولذا سيُعاقبون بهلاك أبدى .
،
-وفى كولوسى 1 : 23
" إِنْ ثَبَتُّمْ عَلَى الإِيمَانِ، مُتَأَسِّسِينَ وَرَاسِخِينَ وَغَيْرَ مُنْتَقِلِينَ عَنْ رَجَاءِ الإِنْجِيلِ، الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ، الْمَكْرُوزِ بِهِ فِي كُلِّ الْخَلِيقَةِ الَّتِي تَحْتَ السَّمَاءِ، الَّذِي صِرْتُ انَا بُولُسَ خَادِماً لَهُ "
يتحدث بولس فى هذا النص عن إنجيل حقيقى مسموع ومقروء وليس مجرد بشارة ؛ مع ملاحظة أنه لم يكن هناك أي إنجيل من الأناجيل الأربعة وقت بولس لأن أقدمهم كُتب بعد وفاته !
،
-وأيضا من كلام المسيح نفسه وهو يتحدث عن انجيله - وبالطبع لم يكن المقصود أناجيل التلاميذ ومن بعدهم - فى قصة المرأة التى دهنت جسد يسوع بالطيب فى متى 26 : 13
" اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: حَيْثُمَا يُكْرَزْ بِهَذَا الإِنْجِيلِ فِي كُلِّ الْعَالَمِ،يُخْبَرْ أَيْضاً بِمَا فَعَلَتْهُ هَذِهِ تَذْكَاراً لَهَا "
،
-وأيضا نجد أن الأناجيل الحالية قد وصفت إنجيل المسيح الذى نتحدث عنه بــ " كلمة الله " او تسميه " الكلمة " ؛ وهذا هو الذى كان يأتى الناس للمسيح عليه السلام ليسمعوه منه كما فى
لوقا 5 : 1
" وَإِذْ كَانَ الْجَمْعُ يَزْدَحِمُ عَلَيْهِ لِيَسْمَعَ كَلِمَةَ اللهِ "
كلمة الله = إنجيل الله
،
-وفى مرقص 2 : 2
" فآجتَمَعَ مِنهُم عَدَدٌ كثير، ولَم يَبقَ موضِعٌ خالِياً حتَّى عِندَ الباب ، فأَلقى إِلَيهِم كلِمةَ الله "
فما هى كلِمةَ الله التى كان يُعلم بها المسيح ويقرأها على الناس ودعى بولس إلى العمل بما فيها من أوامر وتعاليم ربانية ... ان لم تكن " إِنْجِيلَ الله " ؟
****
ثانيا : هناك الكثير من النصوص التى تؤكد ان المسيح كان يُوحى إليه من قبل الله ؛ كما فى يوحنا 12 : 49
" لأَنِّي لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي، لَكِنَّ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً: مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا أَتَكَلَّمُ. 50 وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ وَصِيَّتَهُ هِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ. فَمَا أَتَكَلَّمُ أَنَا بِهِ، فَكَمَا قَالَ لِي الآبُ هَكَذَا أَتَكَلَّمُ "
هذه الوصية الربانية التى من يؤمن بها ينال الحياة الأبدية هى التى نبحث عنها وهى انجيل المسيح كلام الآب وليس كلام المسيح .
،
-حتى أن يوحنا المعمدان ذكر انجيل المسيح " الشهادة " كوحى من السماء فى يوحنا 3 : 31 -34
" اَلَّذِي يَأْتِي مِنَ السَّمَاءِ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ،32 وَمَا رَآهُ وَسَمِعَهُ بِهِ يَشْهَدُ، وَشَهَادَتُهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْبَلُهَا. 33وَمَنْ قَبِلَ شَهَادَتَهُ فَقَدْ خَتَمَ أَنَّ اللَّهَ صَادِقٌ، 34لأَنَّ الَّذِي أَرْسَلَهُ اللَّهُ يَتَكَلَّمُ بِكلاَمِ اللَّهِ. لأَنَّهُ لَيْسَ بِكَيْلٍ يُعْطِي اللَّهُ الرُّوحَ. "
فشهادة يسوع هى كلام الله ؛ لأنه مرسل من الله ، ومن يكذبها فقد كذب الله .
،
-ويقول المسيح أن الله أعطاه كلاما ووحيا حفظه التلاميذ وآمنوا به؛ كما آمنوا أن المسيح مرسل من عند الله فى يوحنا 17 : 6
" وَقَدْ حَفِظُوا كلاَمَكَ.7وَالآنَ عَلِمُوا أَنَّ كُلَّ مَا أَعْطَيْتَنِي هُوَ مِنْ عِنْدِكَ، 8لأَنَّ الْكَلاَمَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي قَدْ أَعْطَيْتُهُمْ، وَهُمْ قَبِلُوا وَعَلِمُوا يَقِيناً أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِكَ، وَآمَنُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي "
،
-كما يقول المسيح فى لوقا 8 : 21
" وَقَالَ لَهُمْ: «أُمِّي وَإِخْوَتِي هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَعْمَلُونَ بِهَا "
فيقول أن خاصته هم من يسمعون كلمة الله ويعملون بها ؛ فأين هذه الكلمة التى كانت موجودة قبل أناجيل التلاميذ ومن بعدهم ؟
،
-وفى يوحنا 14 : 24
" اَلَّذِي لاَ يُحِبُّنِي لاَ يَحْفَظُ كَلاَمِي. وَ الْكَلاَمُ الَّذِي تَسْمَعُونَهُ لَيْسَ لِي بَلْ لِلآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي "
فالكلام الذى كان ينبغى لهم أن يسمعوه ليس كلام المسيح ؛ إنما هو كلام الله الآب الذى أرسل المسيح ؛ والملاحظ أن هذه النصوص تتحدث عن إنجيل واحد، وليس الأناجيل الأربعة أو السبعين التي رفضتها الكنيسة، وتسمي النصوص هذا الإنجيل، إنجيل الله، ـ وكلمة الله ،وإنجيل المسيح.
***
ثالثا : يقول النصارى : لن نؤمن أن الإنجيل محرف إلا إذا أحضرتم لنا الإنجيل الصحيح !!
نقول : نحن لا يلزمنا إحضار الإنجيل الصحيح ؛ لأنكم أنتم من تخلص من الأناجيل فى بداية تاريخ دينكم ؛ ففى لوقا 1 : 1 نقرأ
" إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا "
فقد كان هناك الكثير من الأناجيل فى القرن الأول الميلادى؛ ومن بينها إنجيل المسيح عليه السلام
،
-وتقول دائرة المعارف الأمريكية أنه كان يوجد أكثر من 74 إنجيل كانت موجودة فى القرن الميلادى الأول ؛ منها إنجيل منسوب للمسيح وانجيل منسوب لمريم وإنجيل منسوب لبطرس وانجيل آخر منسوب لمتى ... الى غيرهم من تلاميذ المسيح ؛ حتى جاءت الكنيسة فى مجمع نيقية سنة 325 م وأمرت بحرق هذه الأناجيل والتخلص منها جميعا ؛ واختارت أربعة أناجيل فقط واعتبرتها هى كلام الله !
بل استصدرت قرارا امبراطوريا بقتل واضطهاد كل من كان عنده انجيل مخالف لما اختارته من الأناجيل ؛ ففُقدت جميع النسخ من بين أيدى الناس ـ وان وُجد بعض منها فى المخطوطات النادرة فى العصر الحديث ـ
فنقول لمن يطالبنا بإحضار إنجيل المسيح : أحضروا لنا الــ 74 إنجيلا التى كانت موجودة فى القرن الميلادى الأول ؛ ونحن سنخرج لكم من بينها إنجيل المسيح
فكيف تحرقون جميع النسخ وتضطهدون وتقتلون كل من وجدتم عنده نسخة مخالفة لما اختارته الكنيسة ثم تطالبون بعدها بإحضار النسخة الأصلية !!
***
رابعا : الكثير من النسخ التى أُحرقت بأمر الكنيسة كانت منسوبة لبعض تلاميذ المسيح ؛ بينما نجد لوقا الذى لم ير المسيح وليس من تلاميذه ولا حتى من تلاميذ تلاميذه أصبح كلامه جزءا من كلام الله ، وحتى مرقص الذى لم ير المسيح أصبح انجيله جزءا من كلام الله !
؛
أما انجيل بطرس الذى وُجد فى نجع حمادى رفضته الكنيسة
وإنجيل برنابا الذى ينسب إلى أحد الحواريين رفضته الكنيسة
وإنجيل يعقوب رفضته الكنيسة
وإنجيل متيا - انجيل لمتى غير الموجود فى البايبل – رفضته الكنيسة
وإنجيل المصريين المنسوب لمرقص رفضته الكنيسة
وإنجيل مريم رفضته الكنيسة
وإنجيل العبرانيين رفضته الكنيسة
وانجيل بطرس رفضته الكنيسة ؛ ولكنها قبلت رسائله
وانجيل يهوذا رفضته الكنيسة ولكنها قبلت رسائله
... ؛
وحتى الآن لا يعرف أحد ما هو المقياس الذى اتخذته الكنيسة لاختيار الكتاب المقدس ؛ ان كان جميع من كتب الاناجيل التى رفضتها تعتبرهم الكنيسة قديسين وكانوا من تلاميذ المسيح وكتبوا أناجيلهم قبل متى ومرقص ولوقا ويوحنا ؟ !
***
أخيرا : يدعى النصارى أن كلمة إنجيل أساسا هي كلمة ليست عربية وأنها تعني البشارة أي البشارة بيسوع المسيح ؛ ويدحض هذا الإدعاء أن المترجمون وضعوها كما هي ولم يترجموها !! ترجموا الإنجيل كله ما عدا تلك الكلمة !! لماذا ؟؟
لأن كلمة إنجيل هي اسم عَلَم وضعت كما هي ( الإنجيل = evangel ) وهي تشير إلي كتاب اسمه الإنجيل والأسماء لا تُترجم .

إذًا ... فقد قد اختفى إنجيل المسيح، وعهدة إحضار إنجيله بلغته التى كان يُبشر بها (الآرامية) باقية في ذمة النصارى إلى يوم الدين !

ولذا سنجد شبه إجماع من علماء النقد النصى أن كتبة الأناجيل كانوا يقتبسون من مصدر واحد ؛ أطلق عليه علماء الكتاب المقدس ( المصدر Q ) أو الإنجيل المفقود !
*كما ذكر بيرتون.ل.ماك فى كتابه الإنجيل المفقود كتاب ك والأصول المسيحية ص9 :
( متى ولوقا استخدما وثيقة مكتوبة ثانية بالاضافة إلى استخدامهما إنجيل مرقس . لقد أسمى العلماء هذه الوثيقة " Qك" اختصارا لكلمة Quelle الألمانية التى تعنى " مصدر " )

وذكر أن من آمن بالإنجيل الذى كان مصدرا للكتبة كانوا موحدين وليسوا مسيحيين !!
كما ذكر فى ص5 أن " إنجيل المسيح Q " الذى كان يضم تعاليمه فقط فُقد للأبد وضاع فى القرن الأول الميلادى !!

-وهذا أيضا ما ذكره حبيب سعيد فى كتابه /المدخل إلى اللكتاب المقدس ص216
( يتفق أغلب العلماء أن المواد المشار إليها بحرف Q مأخوذة من وثيقة قديمة العهد ... والترجمة اليونانية للوثيقة Qك تدل على أنها منقولة من الآرامية –لغة المسيح الأصلية- ثم أن الأقوال لقب ملائم للوثيقة الشاملة أقوال يسوع )

وقال فى ص 260 من نفس الكتاب :
( الوثيقة Q التى احتوت تعاليم المعلم الأكبر يسوع عبثت بها يد الزمن ولم يُعثر لها على أثر حتى الآن )

هذا الكلام نفسه قاله بارت إيرمان Bart D. Ehrman في كتابه The New Testament – A Historical Introduction To The Early Christian Writings – Chapter 6
( اقترح العلماء عبر السنوات العديد من النظريات لحل المشكلة الإزائية. الكثير من النظريات في غاية التعقيد وغير قابلة للتصديق بالكلية. كمقدمة لهذه المشكلة, نحن لسنا بحاجة لنشغل أنفسنا بكل هذه الحلول. ولكن بدلاً من هذا سنركز على النظرية الأكثر قبولاً لدى العلماء والأقل إشكالاً. هذا التفسير يدعى بـ “فرضية المصادر الأربعة“. وفقاً لهذه النظرية, مرقس هو أول إنجيل تم كتابته. وتم استخدامه من قبل متى ولوقا. هذا بالإضافة إلى أن هذين الإنجيلين كان لديهما مرجع آخر يرجعون إليه يُدعى Q من الكلمة الألمانية Quelle كان مصدرا للقصص المشتركة بين لوقا ومتى والتي لا نجدها في مرقس.)


إذا .. فبشهادة الكتاب المقدس وعلماء النصرانية ؛ كان يوجد بالفعل إنجيل للمسيح مكتوب بالآرامية لغة المسيح ، واقتبس منه كتبة الأناجيل واعتبروه مصدرا Quelle لكتاباتهم ومؤلفاتهم " Qك" ؛ ولكنه ضاع فى القرن الأول للنصرانية ... إلى الأبد !
والعجيب أن عموم النصارى عندما يعجزون عن الدفاع عن نص كتابهم ؛ يطلبون من المسلمين أن يأتوهم بالإنجيل الأصلى لكى يُصدقوا أن كتابهم محرف !!
هم من حرقوا ضيعوا وغيروا وبدلوا وعجزوا عن حفظ كتابهم ؛ ثم يهربون من ضعفهم وعجزهم إلى الطلب ممن يعتقد أن كتابهم محرف أن يأتيهم بالنسخة الأصلية الغير محرفة ؛ حالهم كحال محامى عاجز عن الدفاع عن قاتل فبنى دفاعه على شهادة من القتيل نفسه أنه ميت بالفعل !!

[/SIZE][/SIZE]

الموضوع الأصلي : <font color="#FF0000" size="3" face="Times">ضياع الإنجيل الأصلى ... إنجيل المسيح<font color="#FF0000" size="3"> -||- المصدر : مُنتَدَيَاتُ كَلِمَةٍ سَوَاءِ الدَّعَويِّة -||- الكاتب : <font color="#FF0000" size="3" face="Times">رمضان الخضرى

اضغط هنا للذهاب ل مصدر عنوان موضوعنا...