في هذا المقال؛ سنقدم نبذة عن تاريخ صلاة التراويح ، الشعيرة المحببة إلى القلوب المؤمنة في شهر القرآن، فنروي باختصار كيف بدأت منذ فجر الإسلام، ونرى بعض ما اعتراها تاريخيا من مسحات اجتماعية كادت تخرجها من حيز العبادات (الدين) إلى دائرة العادات (التدين)، ونكشف جانبا من تأثرها بتاريخ المسلمين ومؤثراته المختلفة عقديا وفقهيا وسياسيا واجتماعيا، وكيف تعطلت أحيانا بعوامل مختلفة، ثم نعرض لذكر مشاهير من أعلام جمْعها أئمةً ومأمومين. وسنكتشف -أثناء ذلك كله- أن كثيرا من ممارساتنا المقترنة بهذه الشعيرة العظيمة لم تكن وليدة اليوم، بل ورثناها جيلاً عن جيل منذ حقب متطاولة. مبادرة عُمَرية
يلخِّص لنا العلامة ابن المِـبْرد الحنبلي (ت 909هـ/1503م) -في كتابه ‘محض الصواب‘- أصلَ نشأة صلاة التراويح في الإسلام بقوله: “لا يتوهَّمْ متوهِّمٌ أن التراويح من وضع عمر بن الخطاب (ت 23هـ/645م) -رضي الله عنه- ولا أنه أول من وضعها، بل كانت موضوعة من زمن النبي ﷺ، ولكن عمر.. أول من جمع الناس على قارئ واحد فيها، فإنهم كانوا يصلون لأنفسهم فجمعهم على قارئ واحد…، وسُمِّيت ‘التراويح‘ [بهذا الاسم] لأنهم يستريحون فيها بعد كلّ أربع”.
وقبل ابن المِـبْرد بستة قرون؛ حدد لنا الإمام الطبري (ت 310هـ/922م) تاريخ صدور أمْر عمر بجمع الناس لصلاة التراويح فقال -في تاريخه- إنه كان في سنة 14هـ/636م “وكتب بذلك إلى البلدان وأمرهم به”.
وقد خصص عمر قارئا للصلاة بالرجال وآخر للنساء؛ لكن يبدو أن أمهات المؤمنين لم يكنّ –نظرا لمكانتهن الخاصة- يشهدن تراويح النساء العامة، كما يُفهم ذلك من الأثر القائل إن “ذَكْوان (أبا عمْرو ت 63هـ/684م) مولى [السيدة أم المؤمنين] عائشة (ت 58هـ/679م) -رضي الله عنها- كان يؤمُّها في… صلاة التراويح [وهو يقرأ] في المصحف”؛ كما في رواية الإمام أبي القاسم الأصبهاني الملقب بقوام السُّنة (ت 535هـ/1140م) في ‘سِيَر السلف الصالحين‘.
وحفظت لنا كتب الفقه والتاريخ والتراجم أسماء القُرّاء الذين كلفهم عمر -في أوقات مختلفة- القيام بهذه المهمة؛ فذكرت من قُرّاء الرجال: أبيّ بن كعب الأنصاري (ت 22هـ/644م) الذي “كان يصلي بهم عشرين ركعة ثم يوتر بثلاث، وكان يخفف القراءة بقدر ما زاد من الركعات”؛ وفقا لابن تيمية (ت 728هـ/1328م) في ‘مجموع الفتاوى‘.
ومن قُرّاء الرجال كذلك معاذ بن الحارث الأنصاري (ت 63هـ/684م). وأما قُرَّاء النساء فهم: تميم بن أوس الداري (ت 40هـ/661م) الذي ورد أيضا أنه صلاها بالرجال، وكذلك سليمان ابن أبي حَثْمَة القرشي (ت بعد 43هـ/664م)، وعمرو بن حُرَيث المخزومي (ت 85هـ/705م). أوليات وآراء
ومن الأوّليات المتعلقة بتاريخ التراويح استحداث استدارة الصفوف حول الكعبة؛ فأبو عُبيد البكري الأندلسي (ت 487هـ/1094م) يروي -في ‘المسالك والممالك‘- عن الإمام سفيان بن عيينة (ت 198هـ/814م) أن “أول من أدار الصفوف حول الكعبة عند قيام رمضان [والي مكة الأموي] خالد بن عبد الله القَسْري (ت 120هـ/739م)، وكان الناس يقومون في أعلى (= بداية) المسجد؛ [فـ]ـأمر.. الأئمةَ أن يتقدموا ويصلّوا خلف المقام، وأدار الصفوف حول الكعبة”.
وقد استقرّ حكم التراويح الفقهي -عند علماء أهل السُّنة- على أنها “سُنّة” لا “فَرْض”، وساقوها مثالا نموذجيا على “البدعة الحسنة” شرعا عند القائلين بها منهم؛ لكن بعض هؤلاء العلماء ذهب إلى أنه “لا يجوز تركها في المساجد… لكونها [صارت] شعارا [للمسلمين]، فتلحق بفرائض الكفايات أو السُّنن التي صارت شعارا… كصلاة العيد”؛ وفقا لخلاصة فقهية قررها الإمام تاج الدين السبكي (ت 771هـ/1370م) في ‘طبقات الشافعية‘.
كما استحب العلماء -حسب الإمام أبي بكر البيهقي (ت 458هـ/1067م) في ‘شُعَب الإيمان‘- أن “يُزاد في شهر رمضان في أنوار المساجد” بتعليق المصابيح فيها؛ قائلين أيضا إن “أول من فعله عمر بن الخطاب لما جمع الناس في التراويح”؛ طبقا لمؤرخ المدينة المنورة نور الدين السمهودي (ت 911هـ/1505م) في ‘وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى‘.
وفي ذلك روَى الإمام النووي (ت 676هـ/1277م) -في ‘تهذيب الأسماء واللغات‘- أن علي بن أبي طالب (ت 40هـ/661م) رضي الله عنه “مرّ على المساجد في رمضان وفيها القناديل تـُزْهِر، فقال: نوّر الله على عمر قبره كما نور علينا مساجدنا”!!
ومع أن جماهير المسلمين ساروا على نهج الصحابة في إقامة شعيرة التراويح في رمضان؛ فإنه ظهرت آراء أنكرت شرعيتها باعتبارها “بدعة عُمَرية”؛ كما ترى طوائف الشيعة باستثناء بعض أئمة الزيدية. ونسب المقريزي (ت 845هـ/1441م) -في ‘المواعظ والاعتبار‘- إلى الفرقة النَّظـّامية من المعتزلة قولها إنه ”لا تجوز صلاة التراويح”. أئمة مشاهير
تنوعت الطبقات والفئات الاجتماعية التي جاء منها أئمة التراويح عبر حقب التاريخ الإسلامي؛ فكان منهم أساطين العلماء والقراء الكبار، ومشاهير الرحالة والتجار، وحتى السلاطين بل والفراشون العاملون في المساجد. فقد تولى إمامتها “شيخ المفسرين” الإمام الطبري، و”شيخ المقرئين” في عصره أبو بكر ابن مجاهد البغدادي (ت 324هـ/936م)، و”شيخ الواعظين” الإمام ابن الجوزي (ت 597هـ/1201م).
ويحكي الخطيب البغدادي (ت 463هـ/1072م) -في ‘تاريخ بغداد‘- أن ابن مجاهد هذا استمع ليلة إلى صوت معاصره وبلديِّه الطبري -وهو يؤم الناس في التراويح بمسجده ببغداد- فقال لأحد طلابه: “ما ظننت أن الله تعالى خلق بشرا يُحسن [أن] يقرأ هذه القراءة”!!
ويذكر الإمام ابن عساكر (ت 571هـ/1175م) -في ‘تاريخ دمشق‘- أن شيخه المقرئ أبا الفتح الأنصاري المقدسي (ت 539هـ/1144م) كان “يصلي التراويح في مسجد علي بن الحسن” بدمشق.
وهذا أبو جعفر ابن الفَنَكي الشافعي القرطبي (ت 596هـ/1200م) “كان الناس يتزاحمون على الصلاة خلفه التماسا لبركته واستماعا لحسن صوته، وحين مجاورته بمكة.. كان أحدَ المتناوبين في قراءة التراويح برمضان…، وقراءتُه تُرِقُّ الجماداتِ خشوعًا”؛ حسب ابن جبير الكناني الأندلسي (ت 614هـ/1217م) في رحلته.
ومن أئمة التراويح الذين كان لهم شأن في التاريخ العلمي الإسلامي: شيخُ الإسلام ابن تيمية الحراني؛ فقد قال تلميذه المؤرخ ابن الوردي المعري الكِندي (ت 749هـ/1348م) أثناء ترجمته له في تاريخه: ”وصليتُ خلفه التراويح في رمضان فرأيت على قراءته خشوعا، ورأيت على صلاته رقة حاشية تأخذ بمجامع القلوب”. تنوُّع لافت
وكان من أئمتها أيضا الفقيه الرحالة الشهير المقدسي البشاري (ت 380هـ/991م)؛ فقد حدثنا -في رحلته- عن زيارته لليمن فقال إن أهل عدن “يختمون في رمضان في الصلاة ثم يدعون ويركعون، وصليتُ بهم التراويح بعدن فدعوت بعد السلام فتعجبوا من ذلك”!!
ويبدو أن بعض أئمة التراويح كانوا من فئة العلماء التجار مثل أبي علي الهلالي الحوراني المقرئ التاجر (ت 546هـ/1151م)، والتاجر المكي الكبير الخواجا جمال الدين ابن الشيخ علي الجيلاني (ت 824هـ/1421م) الذي “حفظ القرآن الكريم وصلى به التراويح فى مقام الحنفية [بالحرم المكي] سنة ست عشرة وثمانمئة”. ومن أئمتها الفرّاشين أحمد بن عبد الله الدُّوري المكي (ت 819هـ/1416م) “الفراش بالحرم الشريف [بمكة]، وكان يصلي بالناس صلاة التراويح في رمضان”.
ومن الأمراء العلماء الذين احتفظ لنا التاريخ بذكرهم في سجلّ أئمة التراويح: السلطان عالَمْكير أورَنْكْزيب (ت 1118هـ/1706م) الذي حكم الهند 50 سنة، وُصف خلالها بأنه “وليس له فى عصره من الملوك نظير فى حسن السيرة”؛ وفقا لمعاصره المؤرخ المحبِّي الدمشقي (ت 1111هـ/1699م) في ‘خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر‘. ويضيف أن أورَنْكْزيب كان “مع سعة سلطانه يأكل فى شهر رمضان رغيفا من خبز الشعير من كسب يمينه، ويصلى بالناس التراويح، وله نِعَمٌ بارَّةٌ وخيرات دارَّةٌ جدا”.
ومن أغرب قصص مشاهير “أئمتها” ما أورده المؤرخ صلاح الدين الصفدي (ت 764هـ/1363م) من أن الحبر اليهودي الكبير موسى بن ميمون (ت 601هـ/1204م) القرطبي “أسلم بالمغرب [مُكْرَهاً أيامَ دولة الموحدين] وحفظ القرآن واشتغل بالفقه؛ ولما قدم [بحراً إلى فلسطين سنة 560هـ/1165م] من الغرب صلى بمَن في المركب التراويح في شهر رمضان” حين أدركهم أثناء رحلتهم.
ثم سرعان ما انتقل ابن ميمون هذا من فلسطين إلى مصر، وعندما اطمأنّ به المُقام فيها عاد إلى ديانته الأصلية وصار “رئيساً على اليهود” فيها وقاضيا لقضاتهم سنة 573هـ/1177م، وذلك أيام سلطنة صلاح الدين الأيوبي (ت 589هـ/1193م). مهارة وإتقان
ومن نماذج أئمة التراويح المهرة الذين اعتادوا ختم القرآن فيها في ليلة واحدة ونحوها؛ قاضي القضاة بدمشق أبو الحسن عماد الدين الطَّرَسُوسي الحنفي (ت 748هـ/1347م) الذي “كان يحفظ القرآن في أقل مدة، حتى إنه صلى به التراويح في ثلاث ساعات وثلثيْ ساعة بحضور جماعة من الأعيان”؛ وفقا لمحيي الدين القرشي (ت 775هـ/1373م) في ‘الجواهر المُضِيَّة في طبقات الحنفية‘. ومع أن مفهوم “الساعة” عند الأقدمين مختلف -في مقداره الزمني- عن مفهومه اليوم؛ فإن احتمال مبالغة المؤرخين في قِصَر وقت الختمات يظل واردا.
ويروي الإمام شمس الدين الجَزَري (ت 833هـ/1430م) -في ‘غاية النهاية في طبقات القراء‘- أن المقرئ كمال الدين أبا الحسن الحميري الإسكندري المالكي (ت 694هـ/1295م) كان “يصلي التراويح في كل ليلة بختمة كامل الشهر كله”، كما كان المقرئ أبو محمد يعقوب بن يوسف الحربي (ت 587هـ/1191م) “يصلي بالناس التراويح في رمضان كل ليلة بنصف ختمة”؛ طبقا للحافظ ابن حجر العسقلاني (ت 852هـ/1448م) في ‘لسان الميزان‘.
ونجد بعض أئمتها من يخصص ختمة لكل عشر ليال من رمضان؛ فقد أخبرنا المؤرخ الأندلسي ابن بَشْكُوَالَ (ت 578هـ/1182م) -في كتابه ‘الصِّلَة‘- أن أبا القاسم خَلَف بن يحيى الفهري الطليطلي (ت 405هـ/1015م) “كان سكناه بالنَّشارين (= حيّ النجّارين)، وهو إمام ‘مسجد اليتيم‘ بقرطبة…، [و]كان يقوم في مسجده في رمضان بتسعة أشفاع (= 18 ركعة) على مذهب مالك، ويختم فيه ثلاث ختمات: الأولى ليلة عشر، والثانية ليلة عشرين، والثالثة ليلة تسع وعشرين”.
وقد اعتاد كثير من أئمة التراويح صلاتها بالقراءات السبع وأحيانا العشر؛ ومنهم أبو علي الهلالي الحوراني -المتقدم ذكْرُه عند ابن عساكر في ‘تاريخ دمشق‘- الذي ”كان يصلي بجامع دمشق… صلاة التراويح ويقرأ فيها بعدة روايات يخلطها، ويردد الحرف (= اللفظ) المختلَف فيه” بين القرّاء.
ويقول الإمام الذهبي (ت 748هـ/1347م) -في ‘تاريخ الإسلام‘- إن أبا العباس البَرَداني البغدادي الضرير (ت 621هـ/1224م) “كان يقرأ في التراويح بالشواذّ رغبة في الشُّهرة”، وكذلك المقرئ محمد بن أحمد المقدسي الشافعي (ت 885هـ/1480م) الذي “صلى للناس التراويح في رمضان بالقرآن بتمامه، كل عُشر منه [بقراءة] إِمام من [القراء] العَشرة”؛ حسب الإمام السخاوي (ت 902هـ/1496م) في ‘الضوء اللامع‘.
ومن مشاهير أئمتها الذين مكثوا عشرات السنين وهم يؤمون الناس فيها أبو علي الحسن بن داود القرشي الأموي الكوفي (ت 352هـ/963م)، فقد كان “صاحب ألحان، صلى بالناس التراويح في جامع الكوفة ثلاثا وأربعين سنة”؛ كما يخبرنا عنه المؤرخ تاج الدين ابن أنجب السَّاعي (ت 674هـ/1275م) في ‘الدر الثمين في أسماء المصنفين‘.
وكذلك أبو عبد الله النيسابوري المُزكِّي (ت 392هـ/1001م) الذي يفيدنا الذهبي -في ‘تاريخ الإسلام‘- بأنه “صلى بالناس التراويح ثلاثا وستين سنة بالختمة”. ومثله كريم الدين أبو جعفر العباسي الخطيب (ت 574هـ/1178م) الذي “خطب بجامع القصر [في بغداد] وصلى التراويح نحوا من خمسين سنة”؛ حسب كمال الدين ابن الفُوَطي الشيباني (ت 723هـ/1323م) في ‘مجمع الآداب في معجم الألقاب‘. تراويح الخاصة
كان من العادات الاجتماعية المرتبطة برمضان انتقاءُ أئمة مميزين -متانةَ حفظٍ وجودةَ أداءٍ وجمالَ صوتٍ- ليصلّوا التراويح بالسلاطين وذوي المكانة الاجتماعية.
ومن أمثلة ذلك ما أورده الإمام الذهبي -في ‘سِيَر أعلام النبلاء‘– من أن الخليفة العباسي “المستظهر بالله (ت 512هـ/1118م) طلب مَن يصلي به…؛ فوقع اختياره على القاضي.. ابن الدواس…؛ [و] من كثرة إعجابه به كان أول رمضان قد شرع في التراويح فقرأ في الركعتين الأولييْن آية آية، فلما سلم قال له المستظهر: زدنا من التلاوة! فتلا آيتين آيتين، فقال له: زدنا! فلم يزل [يستزيده] حتى كان يقوم كل ليلة بجزء” من القرآن.
كما كان المقرئ أبو الخطاب الكاتب الشافعي البغدادي (ت 497هـ/1104م) ”يصلي بأمير المؤمنين المستظهر باللَّه التراويح”؛ طبقا للذهبي -في ‘تاريخ الإسلام‘. ويفيدنا الحافظ ابن عساكر بأن زين القضاة سلطان بن يحيى القرشي الدمشقي (ت 530هـ/1136م) “صلّى التراويح بـ[المدرسة] النِّظامية [ببغداد]… وخلع عليه الخليفة” العباسي.
وجاء في ‘ذيل طبقات الحنابلة‘ للإمام ابن رجب الحنبلي (ت 795هـ/1393م) أن المقرئ أبا القاسم هبة الله بن الحسن الأشقر البغدادي (ت 634هـ/1237م) كان “يؤم بالخليفة الظاهر (العباسي ت 623هـ/1226م)، ورتّبه إماما.. في صلاة التراويح، وأذِن للناس في الدخول للصلاة” معهم بمسجد قصر الخليفة في بغداد.
وفي الأندلس؛ يترجم ابن عبد الملك المراكشي (ت 703هـ/1303م) -في ‘الذيل والتكملة‘- لابن مُقاتل القَيسي الغرناطي (ت 574هـ/1178م)؛ فيقول إنه كان “حافظا لكتاب الله تعالى، ضابطا لوجوه قراءاته، طيّب النغمة به…، مختارا للإمامة في التراويح بمسجد غرناطة الأعظم”.
ويقول المراكشي أيضا أن سلطان دولة الموحِّدين المنصور يعقوب بن يوسف (ت 595هـ/1199م) استمع ذات يوم إلى تلاوة المقرئ أبي الحسن الفهمي القرطبي (ت 617هـ/1220م) “فأخذ بقلبه طِـيبُ نغمته وحُسن إيراده، فقرّبه واستخلصه، وأمره بتعليم أولاده وقراءة حزب من التراويح في رمضان”.
وكان أبو بكر الأنصاري القرطبي (ت 614هـ/1217م) “حسن الصوت، يستدعيه الأمير لصلاة التراويح”؛ وفقا للذهبي في ‘تاريخ الإسلام‘. ووُصف أبو الحسن ابن واجِب القيسي البلنسي (ت 637هـ/1239م) بأنه “من أحسن الناس صوتا بالقرآن، ولذلك كان يُعيَّن لصلاة التراويح بالوُلاة”. أئمة للأئمة
وجاء في ترجمة ابن الوزير البلنسي (ت 624هـ/1227م) أنه “صلى التراويح بالوُلاة..، وكان من أهل التجويد والتحقق بالإقراء أحد الطُّيَّاب المحسنين من القُرّاء”؛ كما في ‘التكملة لكتاب الصلة‘ لابن الأبار القضاعي البلنسي (ت 658هـ/1260م).
وتحدث الوزير الأندلسي لسان الدين ابن الخطيب (ت 776هـ/1374م) -في ‘الإحاطة في أخبار غرناطة‘- عن معاصره المقرئ محمد بن قاسم الأنصاري الجياني (ت بعد 776هـ/1374م) فقال إنه كان “طيّب النغمة [فـ]ـاقتحم لذلك دُسُوتَ (= عروش) الملوك…، وصلّى التراويح بمسجد قصر الحمراء” في غرناطة.
وأورد قاضي القضاة المؤرخ ابن خلكان (ت 681هـ/1282م) -في ‘وفيات الأعيان‘- أن الوزير الأيوبي صفي الدين بن شكر الدميري (ت 630هـ/1233م) “أراد قارئا للمدرسة التي أنشأها بالقاهرة المعزية يصلي بها التراويح، فاختير له شخصان اسم أحدهما زيادة والآخر مرتضى”.
وحتى كبار العلماء كانوا يختارون أحيانا غيرهم ليؤمهم في التراويح؛ فقد قال عمر بن سليمان أبو حفص المؤدب (ت بعد 250هـ/864م): “صليتُ مع أحمد بن حنبل (ت 241هـ/855م) في شهر رمضان التراويح وكان يصلي به ابن عُمير”؛ كما في ‘طبقات الحنابلة‘ لابن أبي يَعْلَى الحنبلي (ت 526هـ/1132م).
وترجم السخاوي -في ‘الضوء اللامع‘- للمقرئ بدر الدين بن تَقِيّ القباني (ت 844هـ/1440م) فقال إنه “كان يؤم شيخَنا [الحافظَ ابنَ حجر العسقلاني] في التراويح بالمدرسة المَنْكُوتَمُري ة [في القاهرة] إلى أن مات”.
وذكر الخطيب البغدادي أن الإمام القَعْنَبي (ت 221هـ/836م) -وهو أحد كبار رواة ‘الموطأ‘ عن الإمام مالك بن أنس (ت 179هـ/795م)- كان من تلامذته ابن عباد النسائي المعروف بالجلاجلي (ت 287هـ/900م) فـ”قدَّمه [إماما] في صلاة التراويح فأعجبه صوته”.
وفي المقابل؛ كان بعض أجلاء الأئمة يفضلون صلاتها بأنفسهم وفي بيوتهم، فقد “كان الشافعي (ت 204هـ/819م) لا يصلي مع الناس التراويح [في المسجد]، ولكنه كان يصلي في بيته ويختم في رمضان ستين ختمة”!! أصوات مرغوبة
لطالما كان حسن الصوت أحد معايير الترجيح بين أئمة التراويح عند تعددهم في البلد أو الحي الواحد؛ بل إن شرف الدين بن يحيى الحمزي المعروف بـكِبْرِيت المولوي (ت 1070هـ/1659م) يقول -في كتابه ‘رحلة الشتاء والصيف‘- إن “من محاسن الشام إحياء ليالي رمضان المعظم، وإقامة التراويح بأحسن أداء يورث النشاط، فإن المكبرين يلوّنون في التكبير بالأصوات الحسنة، فيبتدئون بمقام العراق ويختمون بمقام العشاق”!!
ومن أئمة التراويح المقصودين قديما لحسن أصواتهم أو جمال أدئهم في القراءات: المقرئُ أبو البركات بن العسّال الحنبلي (ت 509هـ/1115م) الذي “كان من القراء المجوّدين، الموصوفين بحُسن الأداء، وطيب النغمة، يُقصد في رمضان -لسماع قراءته في صلاة التراويح- من الأماكن البعيدة” في بغداد؛ حسب ابن رجب الحنبلي في ‘ذيل طبقات الحنابلة‘.
ومنهم كذلك أحمد بن حمدي أبو المظفر المقرئ (ت 576هـ/1180م) الذي “كان من القراء المجوِّدين… بالقراءات الكثيرة…، وأَمَّ.. بمسجد ابْن جردة [في بغداد]، وكان الناس يقصدونه ويسمعون قراءته في التراويح”؛ كما يرويه الخطيب البغدادي في ‘تاريخ بغداد‘.
وترجم الحافظ ابن حجر العسقلاني -في ‘الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة‘- لشمس الدّين الزرعي ابن البصّال المقرئ (ت 738هـ/1338م) “كان حسن الصوت جدا، وكان الناس يقصدونه للصلاة خلفه في التراويح ويزدحمون” في مسجده.
وكان المقرئ محمد بن علي الشِّيرَجي المكي (ت 827هـ/1424م) “حسن الصوت بالقراءة، وحين كان يصلي التراويح بالمسجد الحرام كان الجمعُ يَكْثُر لسماع قراءته”؛ وفقا لمؤرخ مكة المكرمة تقي الدين الفاسى المكي (ت 832هـ/1429م) في ‘العِقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين‘. نغمات ساحرة
ويحدثنا المقريزي أن إمام “المدرسة البَقَرية” بالقاهرة زين الدين أبا بكر النحوي (ت بعد 746هـ/1345م) “كان الناس يرحلون إليه في شهر رمضان لسماع قراءته في صلاة التراويح لشجا صوته، وطيب نغمته، وحسن أدائه، ومعرفته بالقراءات السبع والعشر والشواذ”.
ويقول المؤرخ السخاوي -في ‘الضوء اللامع‘- إن ناصر الدين أبا الخير محمد بن أحمد الخزرجي الأخمِيمي الحنفي (ت بعد 891هـ/1486م) “أمَّ في التراويح بجامع الحاكم [بالقاهرة] وغيره.. وتزاحم الناس لسماعه والصلاة خلفه”. كما يخبرنا بأن أحمد بن محمد البُلْقِيني الشافعي القاهري (ت 838هـ/1435م) “كان حسن الصوت بالقرآن جدا، فكان الناس يهرعون إلى سماعه -سيما في قيام رمضان- من الأماكن النائية، بحيث يضيق الشارع بهم”.
ويبدو أن أئمة التراويح ذوي الأصوات المُطرِبة أغْرَوْا -بحسن تغنّيهم بالقرآن- الجماهيرَ حتى من غير المسلمين، كما نجده -لدى الخطيب البغدادي- في قصة الإمام علي بن عبد الله البَرَداني (ت بعد 375هـ/984م) الذي “كان يلقب ‘مصطبانس‘”، فسأله أحدهم عن مصدر لقبه الغريب هذا فأجابه: “كنت أصلي بقوم التراويح في شهر رمضان فسمع قراءتي قوم من النصارى، فاستحسنوها وقالوا: كأن قراءة هذا الرجل قراءة مصطبانس! يشيرون إِلَى قسّ لهم، فلقبني الناس بذلك”!!
ولم يكن حسن الصوت وحده عامل مفاضلة بين أئمة التراويح؛ بل ربما كان تخفيف أحدهم في تراويحه محبَّبا لدى طوائف من المصلين، ومن ذلك أن أحمد بن عبد الله الدُّوري المكي (ت 819هـ/1416م) “كان يصلي بالناس [في الحرم المكي] صلاة التراويح في رمضان، ويصلي خلفه الجمع الكثير لكثرة تخفيفه، ويلقبون صلاته بالمسلوقة”!! وفقا للفاسي في ‘العقد الثمين‘.
ويفيدنا الذهبي -في ‘تاريخ الإسلام‘- بأن أبا بكر ابن حُبَيش البغدادي الضرير (ت 314هـ/926م) كان “يقرأ بصوت شجيّ يقع في القلوب، ويصلي بالناس التراويح في الجامع” ببغداد.
يتبع
صدر حديثا على موقع ارشيف تقنية تمكنك عند السماع اونلاين لاي مصحف او اي صوتيات
يمكنك 2 ميزة
الميزة الاولى___ستجد رسمة الساعة اعلى الصفحة على اليمين__هذه الرسمة لتسريع الصوت
فيمكنك تسريع الصوت لاي مصحف بمقايييس مختلفة للسرعة للسماع حدر اونلاين لاي مصحف
وقبل ان اذكر لك الميزة الثانية اليك الرابط
هنا آلاف المصاحف مرفوعة على ارشيف مع الترتيب للاحدث فتابع الجديد يوميا هنا https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate
____الميزة الثانية ____رسمة البطة___ستجدها اعلى الصفحة على اليمين ايضا بجوار سور المصحف الصوتية في جدول السماع
اذا ضغطت على رسمة البطة ستحول الشكل الى مشغل صوتيات مع خاصية الكوليزر الرهيبة للسماع اونلاين
بجودة صوت خيالية مع تغيير الكوليزر حسب ذوقك في الاستماع للحصول على صدى صوت وتقنيات رهيبة
ستجد الخانة الثانية مكتوب فيها على اليسار كلمة
title
وامامها على اليمين مستطيل خالي
اكتب في المستطيل الخالي امام كلمة تيتل -----اكتب فيه اي شيء
ثم انتر او ثم اضغط على كلمة
search
اسفل الجدول الاول
وكلمة تيتل معناها العنوان --بعكس الخانة الاولى
any field
يعني اي مكان لكن لو كتبت امامها سيظهر لي نتائج كثيرة غير دقيقة
لكن الكتابة بجوار التتل افضل لكي يكون بحث اكثر دقة فانا مثلا ابحث عن مصحف العجمي
اكتب امام التتل كلمة العجمي
واذا اردت الملفات المبرمجة لبرنامج كلام الله
فاكتب في خانة البحث امام التتل كلمة---برنامج كلام الله ---ثم اكتب بجوارها اسم اي قارئ
واذا اردت اي مصحف مقسم صفحات او ايات
فاكتب في خانة البحث اسم اي قارئ و بجواره صفحات او ايات
حسب ما تريد
ولاحظ ان كتابة الكلمة حساسة
فحاول تجرب كل الاقتراحات يعني مثلا
مرة ابحث عن العجمي بالياء ---ومرة ابحث عن العجمى هكذا بدون نقط الياء
لان صاحب المصحف الذي رفعه لو كتبه بالياء اذن انا لازم اكتب في بحثي نقط الياء
لان موقع ارشيف دقيق في كتابة كلمة البحث بعكس جوجل الذي لا يدقق في كتابة كلمة البحث
والثانية
خطا شائع عند كثير من الناس في قراءة حفص بل في كل القراءات العشر
تسكين الباء في كلمة السبع في قوله تعالى ( وما اكل السبع ) سورة المائدة الاية 3
والصحيح ضمها لان المراد بها هنا حيوان السيع بخلاف السبع المراد بها العدد سبعة فان الباء تسكن كما في سورة المؤمنون الاية 86
- قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم - ولا تنسى قراءاة كتاب اسمه الاخطاء الشائعة في قراءة حفص وهذا رابطه لتحميله https://archive.org/download/akhtaaa...ng-of-hafs/pdf
واسمع اليها في تلاوة عندليب الاسكندرية الخاشع الشيخ شعبان محمود عبد الله السورة رقم 5 المائدة في الاية رقم 3 والسورة رقم 23 المؤمنون
حيث يقف الشيخ على كلمة السبع في سورة المائدة لتوضيح ضم الباء
وحين تفتح لك الصفحة اقرا فيها كيفية الحصول على كل مصاحف صوت القاهرةبجودة رهيبة لا تصدق سي دي اوديو معدل الجودة 1411 ك ب
وايضا بجودة رهيبة ام بي ثري معدل الجودة 128 كيلو بايت
ايضا تجد في نفس الصفحة
رابط ل ملف مضغوط zip فيه روابط ل 696 مصحف مقسمين الى روابط تورنت ومباشرة وجودة فلاك مع الشرح كيف تكفر عن ذنوبك وتكسب ملايين الحسنات عن طريق التورنت
مع برنامج تورنت سريع وشرح كيفية عمله
مع هدايا اخرى ومفاجات
والهدية الرابعة
ستجد الخانة الثانية مكتوب فيها على اليسار كلمة
title
وامامها على اليمين مستطيل خالي
اكتب في المستطيل الخالي امام كلمة تيتل -----اكتب فيه اي شيء
ثم انتر او ثم اضغط على كلمة
search
اسفل الجدول الاول
وكلمة تيتل معناها العنوان --بعكس الخانة الاولى
any field
يعني اي مكان لكن لو كتبت امامها سيظهر لي نتائج كثيرة غير دقيقة
لكن الكتابة بجوار التتل افضل لكي يكون بحث اكثر دقة فانا مثلا ابحث عن مصحف العجمي
اكتب امام التتل كلمة العجمي
واذا اردت الملفات المبرمجة لبرنامج كلام الله
فاكتب في خانة البحث امام التتل كلمة---برنامج كلام الله ---ثم اكتب بجوارها اسم اي قارئ
واذا اردت اي مصحف مقسم صفحات او ايات
فاكتب في خانة البحث اسم اي قارئ و بجواره صفحات او ايات
حسب ما تريد
ولاحظ ان كتابة الكلمة حساسة
فحاول تجرب كل الاقتراحات يعني مثلا
مرة ابحث عن العجمي بالياء ---ومرة ابحث عن العجمى هكذا بدون نقط الياء
لان صاحب المصحف الذي رفعه لو كتبه بالياء اذن انا لازم اكتب في بحثي نقط الياء
لان موقع ارشيف دقيق في كتابة كلمة البحث بعكس جوجل الذي لا يدقق في كتابة كلمة البحث
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلمة محبة لدينها وأمتها
وهي على مذهب أهل السنة والجماعة
ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط
دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطاً بميزان الشرع المطهر