كتبت فتاة رسالة وقد كتبتها بدم قلبها,
ومما قالت فيها:
المثيرات تحاصرني من كل مكان: قنوات فضائية أفلام هابطة أغان وأشرطة تحوي كلاماً ساقطاً، إلى من ألجأ في مثل هذه الظروف ارحموني! نهايتي تقترب أوجدوا حلاً لمعاناتي اسمعوا صرخاتي من قلبي من أعماقي أسرعوا في إيجاد الحل، فها أنا أقفل حقائبي وألملم شتات نفسي للرحيل، لقد عزمت على الرحيل إلى آخر كلامها الذي سأعود إلى بعضه في هذا الموضوع وغيره.
وتتحسر أخرى فتقول:
أبحث عما يريح نفسي من الهم الذي أثقلها، لم أجد في الأفلام أو الأغاني أو القصص ما ينسيني ما أنا فيه لا أدري ما الذي أفعله وما نهاية هذا الطريق الذي أسير فيه.
وثالثة تبث همومها وأحزانها وتقول:
أعيش في موج من الكدر يحرم عيني المنام، فأنا دائماً أفكر في حالي، وكيف أبحث عن السعادة؟!
فأنا كما يقولون:
غريبة، والغربة هنا ليست غربة المكان؛ ولكنها غربة الروح، وغربة المشاعر الحزينة التي تشتكي بين ضلوعي لما أفعله تجاه ربي ونفسي والناس، فلقد طال صبري كثيراً على حالي، فمتى وقت رجوعي.
ورابعة تصرخ فتقول:
أقسم بالله أن أياماً مرت عليّ حاولت فيها الانتحار، ولكن كل محاولة تفشل، لا أعلم لماذا؟
هل الله يريد أن يطيل عذابي؟
أم أن أجلي لم يحن بعد؟
ولكن ما أعرفه أنني أموت كل يوم وليلة.
وهكذا تتوالى الآهات والحسرات من الكثير والكثير من الفتيات الغافلات.
أيها الإخوة والأخوات!
ارحموا الفتيات!
أيها المجتمع!
رويداً رويداً بالفتاة.
أيها الآباء والأمهات! حناناً وعطفاً للفتاة.
أيها الإعلاميون! رفقاً بالقوارير!
أيها الشباب! اتقوا الله في الأزهار والورود!
لم يبق من ظل الحياة سوى رمق وحطام قلب عاش مشبوب القلق
قد أشرق المصباح يوماً واحترق جفت به آماله حتى اختنق
هذا حال الفتاة،
فالمشاكل والأخطار تفترسها، فراغ وسهر انحراف وفساد عشق وغرام تبرج وسفور عجب وغرور عقوق للوالدين ترك للصلاة تبذير للأموال ، تقليد للغرب ضياع للشخصية سفر لبلاد الكفر والإباحية جلساء السوء الكذب والغيبة وبذاءة اللسان التدخين والمخدرات العادة السرية التشبه بالرجال أفلام وقنوات فحش وروايات غناء ومجلات معاكسات ومقابلات جنس وشهوة وإثارة للغرائز وغيرها من مشاكل الفتاة، إنه الألم الذي تعيشه الكثير من المجتمعات العربية والإسلامية،
وشتان بين الألم والأمل.
معاشر الأخوات!
لماذا بعض الفتيات حياتها من وحل إلى وحل، ومن مستنقع إلى مستنقع؟!!
مرة مع القنوات الفضائية، ومرة مع المجلات الهابطة، ومرة في المعاكسات وربما الزنا، فهي غارقة في أوحال الفساد والشهوات.
تقول صاحبة الرسالة:
لم أجد باباً إلا طرقته، ولا معصية وخطيئة إلا جربتها، والنهاية أسوأ من البداية، ألم وضياع، وحرقة واكتئاب.
أيتها الأخوات!
قلب تفرق بين هذه المشاكل، فإذا مَلَّ هذه انتقل إلى تلك، قلب في الشهوات منغمس، وعقل في اللذات منتكس، همته مع السُفليات، ودينه مستهلك بالمعاصي والمخالفات
كيف حاله؟!
كيف سيكون؟!
المراد من الفتاة المسلمة وما يراد لها
فيا إبنتى الحبيبة:
شدي وثاق الطهر لا تتغربي عن عالم الدين الحنيف الأوحد
شدي وثاق الطهر سيري حرة لا تخدعي بحديث كل مخرب
لك من رحال المجد أخصب بقعة ولغيرك الأرض التي لم تخصب
لك من عيون الحق أصفى مشرب ولعاشقات الوهم أسوأ مشرب
هزي إليك بجذع نخلتنا التي تعطي عطاء الخير دون تهيب
وقفي على نهر المروءة إنه يروي العطاش بمائه المستعذب
وإذا رأيت الهابطات فحوقلي وقفي على قمم الهدى وتحجبي
إن الحجاب هو التحرر من هوى ولاّدة ذات الهوى المتذبذب
وهو الطريق إلى صفاء سريرة وعلو منزلة ورفعة منصب
ولعلك تتسائلين ماذا نريد؟
فأقول: إن لك تأثيراً كبيراً في المجتمع، وقد يكون التأثير سلباً أو إيجاباً، فإن كنت ذا عقل ناضج كان لك تأثيرك البناء الفعال، وإن كنت ذات عقل خفيف طائش، أو عقل فاسد منحرف، كنت بؤرة فساد وإفساد للمجتمع وهدمه.
أُخيتي!
أرجوك لا تزعجك صراحتي،
اننا نريدك لأمتنا، نعم.
نريدك أن تكوني أكبر من هذا، نريدك أن تنفعي وتساهمي في بناء المجتمع ونهضته،
لا كما يريدك الآخرون للغزل والحب والشهوة، والغناء والرقص والطرب،
ألهذا خلقت فقط؟!
وهل الحياة حب وعشق فقط؟!
لماذا ننام على الشهوة ونصحو عليها؟!
لماذا عواطف فقط؟
أين العقل؟! ... أين الإيمان؟!
أين المروءة؟!
بل أين البناء والتربية والفكر والمبادئ والأهداف في حياة المرأة؟!
أيتها البنت الحبيبة !
هل تعلمين وتفهمين أن هناك من يريد إبعاد المرأة عن دينها، وصدها عن كتاب ربها؟!
وإن كنت لا تعلمين فيكفي ما تشاهدين من ذاك الركام الذي يزكم الأنوف من المجلات والأفلام والقنوات والأقلام والروايات،
والتي لا هم لها إلا عبادة جسد المرأة من فن وطرب، وشهوة وجنس ومساحيق وموضات،
فلماذا الاهتمام بالصورة لا بالحقيقة؟!
وبالجسد لا بالروح؟!
كم أتمنى أخيتي أن تفرقي بين من يحترم عقلك لا جسدك، ويهتم بملء الفراغ الروحي والفكري لديك، وبين من يهتم بالشهوة والجسد والطرب، فهل عرفت ماذا نريد؟!
وأنت تقرئين القرآن قفي وتأملي قول الحق عز وجل:
{ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } [الكهف:7].
فهل عرفت إذاً؟
إنه ابتلاء وامتحان، فاسألي نفسك هل نجحت أم رسبت في الامتحان؟!
إنني ممن يطالب وبقوة بحقوق المرأة، وبالعدل بينها وبين الرجل، نعم بحقوق المرأة التي جاء بها الإسلام ليكرمها، وبخسها بعض الرجال بجهله وبظلمه وتسلطه،
أقول بالعدل لا بالمساواة!
أتدرون ما تعني المساواة؟!
أن نجعل المرأة رجلاً، والرجل امرأة، وهذا انتكاس بالفطرة وجهل بحقيقة الخلقة لكل منهما، فإن الله تعالى خلقهما وجعل لكل منهما وظيفة وأعمالاً،
لكل منهما دور في الأسرة والمجتمع يجب أن يقوم به في الحياة، وقد سبقت المرأة المسلمة غيرها في الإسهام الحضاري بمئات السنين، لكنها لم تخرج عن وظيفتها ولا طبيعتها،
ولم تطلب أن تتشبه بالرجال أو تتساوى
وإياك إياك أن تنسي الوظيفة الأولى والأصلية التي جعلها الله لك وهي أن تكوني ملكة بيت ومربية أجيال ورجال، فالزمي بيتك لتسعدي، ولنهب لك قلباً تحبينه ويحبك، فيريحك من النفقة، ويشبع غريزتك ويصونك من الذئاب المسعورة، وإذا كان لديك فضل من وقت ونشاط وهمة، فالمجتمع وبنات جنسك بأمس الحاجة إليك وإلى مواهبك، وبشرط الستر والعفاف، لكن تذكري وكرري دائماً (بيتي أولاً).
أما جعل الوظيفة أولاً، وإهمال البيت والأولاد والتبرج والسفور والاختلاط وباسم الحرية المزعومة، فهذا والله خلل في المفاهيم وانتكاس في الفطر، وتجربة البلاد المجاورة تصدق ما يكذبه سفهاء الأحلام،
فما أعظم الخطب!
وما أشد المصيبة إذا اختل المنطق، وانتكست المفاهيم، وأصبحت العبودية والشهوات واللذات حرية ندعو لها.
أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته