قصة الرجلين المؤمن والكافر
بسم الله
1-قال الله تعالى في سورة الكهف بعد قصة أهل الكهف: (واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لاحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا كلتا الجنتين آت أكلها ولم تظلم منه شيئا وفجرنا خلالهما نهرا وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا.وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لاجدن خيرا منها منقلبا - إلى قوله - هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا) [ الكهف: 32 - 44 ].
2-قال بعض الناس هذا مثل مضروب ولا يلزم أن يكون واقعا والجمهور أنه أمر قد وقع وقوله: (واضرب لهم مثلا) يعني لكفار قريش في عدم اجتماعهم بالضعفاء والفقراء وازدرائهم بهم وافتخارهم عليهم كما قال تعالى: (واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون) [ يس: 13 ] كما قدمنا الكلام على قصتهم قبل قصة موسى عليه السلام
3-والمشهور أن هذين كانا رجلين مصطحبين وكان أحدهما مؤمنا والآخر كافرا (قيل من بني اسرائيل أحدهما كافر اسمه براطوس، والآخر مؤمن اسمه يهوذا.وقيل هما المذكوران في سورة الصافات (قال قائل منهم..) وهما: من أهل مكة: أبو سلمة عبد الله بن عبد الاسد المخزومي المؤمن والاسود بن عبد الاسود، الكافر - (انظر القرطبي - تفسير الرازي
) ويقال إنه كان لكل منهما مال فأنفق المؤمن ماله في طاعة الله ومرضاته ابتغاء وجهه.وأما الكافر فإنه اتخذ له بساتين وهما الجنتان المذكورتان في الآية على الصفة والنعت المذكور.فيهما أعناب ونخيل تحف تلك الاعناب والزروع في ذلك والانهار سارحة ههنا وههنا للسقي والتنزه، وقد استوثقت فيهما الثمار، واضطربت فيهما الانهار، وابتهجت الزروع والثمار وافتخر مالكهما على صاحبه المؤمن الفقير قائلا له: (أنا اكثر منك مالا وأعز نفرا) أي أوسع جنانا.
4-ومراده: أنه خير منه ومعناه: ماذا أغنى عنك إنفاقك ما كنت تملكه في الوجه الذي صرفته فيه كان الاولى بك أن تفعل كما فعلت لتكون مثلي فافتخر على صاحبه: (ودخل جنته وهو ظالم لنفسه) أي وهو على غير طريقة مرضية قال: (ما أظن أن تبيد هذه أبدا) وذلك لما رأى من اتساع أرضها، وكثرة مائها، وحسن نبات أشجارها ولو قد بادت كل واحدة من هذه الاشجار لاستخلف مكانها أحسن منها وزروعها دارة لكثرة مياهها.ثم قال: (وما أظن الساعة قائمة) فوثق بزهرة الحياة الدنيا الفانية وكذب بوجود الآخرة الباقية الدائمة.
ثم قال: (ولئن رددت إلى ربي لاجدن خيرا منها منقلبا) أي ولئن كان ثم آخرة ومعاد فلاجدن هناك خيرا من هذا وذلك لانه اغتر بدنياه، واعتقد أن الله لم يعطه ذلك فيها.إلا لحبه له: وحظوته عنده كما قال العاص بن وائل فيما قص الله من خبره وخبر خباب بن الارت
في قوله: (أفرأيت الذي كفر بآياتنا) وقال:
(لاوتين مالا وولدا.أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا) [ مريم: 78 ] وقال تعالى إخبارا عن الانسان أذا أنعم الله عليه (ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى) [ فصلت: 5 ] قال الله تعالى: (فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ) [ فصلت: 50 ] وقال قارون: (إنما أوتيته على علم عندي) [ القصص: 78 ] أي لعلم الله بي أني أستحقه قال الله تعالى: (أو لم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون) [ القصص: 78 ] وقد قدمنا الكلام على قصته في أثناء قصة موسى.
5-ولما اغتر هذا الجاهل بما خول به في الدنيا فجحد الآخرة وادعى أنها إن وجدت ليجدن عند ربه خيرا مما هو فيه، وسمعه صاحبه يقول ذلك قال له: (وهو يحاوره) أي يجادله (أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا) [ الكهف: 37 ] أي أجحدت المعاد وأنت تعلم أن الله خلقك من تراب.ثم من نطفة ثم صورك أطوارا حتى صرت رجلا سويا سميعا بصيرا تعلم وتبطش وتفهم فكيف أنكرت المعاد والله قادر على البداءة (لكنا هو الله ربي) أي لكن أنا أقول بخلاف ما قلت وأعتقد خلاف معتقدك (هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا) أي لا أعبد سواه.وأعتقد أنه يبعث الاجساد بعد فنائها، ويعيد الاموات، ويجمع العظام الرفات، وأعلم أن الله لا شريك له في خلقه ولا في ملكه ولا إله غيره، ثم أرشده إلى ما كان الاولى به أن يسلكه عند دخول جنته
6-فقال: (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله) [ الكهف: 39 ] ولهذا يستحب لكل من أعجبه شئ من ماله أو أهله أو حاله أن يقول كذلك وقد ورد فيه حديث مرفوع في صحته نظر (عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لابي موسى ألا أدلك على كلمة من كنز الجنة، قلت بلى قال: لا حولا ولا قوة إلا بالله أخرجه مسلم.وأخرج الترمذي من حديث أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال باسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله.." قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.وأخرجه أبو داود وابن ماجه في سننيهما).
7-ثم قال المؤمن للكافر: (فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك) أي في الدار الآخرة (ويرسل عليها حسبانا من السماء) قال ابن عباس أي عذابا من السماء.والظاهر أنه المطر المزعج الباهر الذي يقتلع زروعها وأشجارها (فتصبح صعيدا زلقا)
وهو التراب الاملس الذي لا نبات فيه (أو يصبح ماؤها غورا) وهو ضد المعين السارح (فلن تستطيع له طلبا) يعني فلا تقدر على استرجاعه قال الله تعالى:
(وأحيط بثمره) أي جاءه أمر أحاط بجميع حواصله وخرب جنته ودمرها (فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها) [ الكهف: 42 ] أي خربت بالكلية فلا عودة لها وذلك ضد ما كان عليه أمل حيث قال: (وما أظن أن تبيد هذه أبدا) وندم على ما كان سلف منه من القول الذي كفر بسببه بالله العظيم فهو يقول: (يا ليتني لم أشرك بربي أحدا).
8-قال الله تعالى: (ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا هناك) [ الكهف: 43 ] أي لم يكن أحد يتدارك ما فرط من أمره وما كان له قدرة في نفسه على شئ من ذلك كما قال تعالى: (فما له من قوة ولا ناصر) [ الطارق: 10 ] وقوله: (الولاية لله الحق) ومنهم من يبتدئ بقوله: (هنالك الولاية لله الحق) وهو حسن أيضا لقوله: (الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا) [ الفرقان: 26 ] فالحكم الذي لا يرد ولا يمانع ولا يغالب في تلك الحال، وفي كل حال لله الحق. وقوله: (هو خير ثوابا وخير عقبا) [ الكهف: 44 ] أي معاملته خير لصاحبها ثوابا وهو الجزاء وخير عقبا وهو العاقبة في الدنيا والآخرة.
9-وهذه القصة تضمنت أنه لا ينبغي لاحد أن يركن إلى الحياة الدنيا ولا يغتر بها ولا يثق بها بل يجعل طاعة الله والتوكل عليه في كل حال نصب عينيه.
وليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يديه.وفيها أن من قدم شيئا على طاعة الله والانفاق في سبيله عذاب به، وربما سلب منه معاملة له بنقيض قصده.
وفيها أن الواجب قبول نصيحة الاخ المشفق وأن مخالفته وبال ودمار على من رد النصيحة الصحيحة.
وفيها أن الندامة لا تنفع إذا حان القدر ونفذ الامر الحتم بالله المستعان وعليه التكلان.
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
===================الداعى للخير كفاعلة==============
===============لاتنسى===================
=======جنة عرضها السموات والارض======
====== لاتنسى ======
======سؤال رب العالمين ======
=======ماذا قدمت لدين الله======
====انشرها فى كل موقع ولكل من تحب واغتنمها فرصة اجر كالجبال=======