شرح نظم نهاية التدريب (كتاب الصيام) - منتدى روضة القرآن
آخر مواضيع المنتدى
         :: الشيخ صديق السيد المنشاوي | المطففين والطارق والفجر | تسجيل خارجي من مدينة الأقصر فترة الستينات (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: 4 مليارات متر مكعب.. حصيلة استمطار السحب في 2023 (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: أمانة جدة تنفذ حملة ميدانية لرصد وتعقب "البيع العشوائي" (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: الرياض.. بدء أعمال تشجير حي عرقة ضمن برنامج الرياض الخضراء (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: سحب وتصريف أكثر من 5 ملايين من مياه الأمطار بالشرقية (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: ديوان المظالم ينجز أكثر من 67 ألف جلسة قضائية في الربع الأول من 2024 (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: المملكة.. مبيعات تذاكر السينما تتجاوز 61 مليون ريال منذ 2018 (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: إتاحة تأمين الأعمال الفنية والمباني التاريخية في المملكة (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: 5.3 ملايين.. غرامات على مخالفي نظام الطيران المدني (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: جانا العيد وغنينا وأرسلنا تهانينا - بصوت رائع من فيصل بن طلال #shorts (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)      


 
العودة   منتدى روضة القرآن > ۩ روضة الفقه والاداب والرقائق ۩ > روضة الأحكام الفقهية و الفتاوى
 

الملاحظات
ادعم المنتديان و ساعد على نشر كتاب الله و سجل في كلا المنتديان منتدى روضة القران و منتدى ربيع الفردوس الاعلى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع

 
  #1  
قديم 5th March 2019
الصورة الرمزية ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران
غير موجود ألآن ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران غير متواجد حالياً

 
 
افتراضي شرح نظم نهاية التدريب (كتاب الصيام)

شرح نظم نهاية التدريب
كتاب الصيام







ç
الْحَمد لله رب الْعَالمين، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُم بِإِحْسَان إِلَى يَوْم الدّين.
أما بعد:
فهذا كتاب شرح نظم نهاية التدريب، وما لي فيه من شيء فالنظم نظم العلامة الأديب شرف الدين يحيى بن موسى بن رمضان بن عميرة العمريطي الشافعي الأنصاري رحمه الله والشرح من كلام العلماء رحمهم الله المنثور في كتبهم.
غير أني قصدت إلى منثور كلام علمائنا فوضعته على المنظوم، فكان عقدا زبرجديا يبهر القارئين، ويسر الناظرين، وما كان ذلك باليسير لولا أن الله يسره، فالحمد لله أولا وآخرا.
قصدت بذلك حمل نفسي على التفقه في دين الله فمن وسائل التعليم حضور الدروس بين يدي المشايخ ومن وسائله قراءة الكتب ومن وسائله التصنيف.
ثم نفع نفسي أيضا حين ينتفع به غيري فيصلني ثواب ذلك في حياتي وبعد موتي، وربما دعا طالب علم صالح لي، غفر الله لي وله ولوالدينا ولمشايخنا ولجميع المسلمين.












كتاب الصيام
وَبِانْتِهَا شَعْبَانَ لِلْكَمَالِ
شَهْرُ الصِّيَامِ وَاجِبُ الصِّيَامِ
وَقُدْرَةٍ عَلىَ أَدَاءِ الصَّوْمِ
وَوَاجِبٌ تَقْدِيمُهَا عَنْ فَجْرِهِ
وَ شَرْطُهُ الإِمْسَاكُ عَنْ تَعَاطيِ
وَأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَحُقْنَتِهْ
كَذَلِكَ الإِنْزَالُ عَنْ مُبَاشَرَهْ
وَ الحَيْضُ وَالنِّفَاسُ وَالجُنُونُ
فَالفِطْرَ عَجِّلْ وَ السُّحُورَ أَخِّرِ
وَالصَّوْمُ فِي العِيدَينِ وَالتَّشْرِيقِ لَمْ
وَيَوْمُ شَكٍّ مِثْلُهَا فَلْيُمْنَعِ
أَوْ صَامَهُ عَنْ نَذْرِهِ أَوْ عَنْ قَضَا
لَكِنْ عَلَى ذِي الرُّؤْيَةِ المُحَقَّقَهْ
أَوْ حُكْمِ قَاضٍ قَبْلُ بِالهِلاَلِ
بِالعَقْلِ وَالبُلُوغِ وَالإِسْلاَمِ
مَعْ نِيَّةٍ فَرْضًا لِكُلِّ يَوْمِ
وَأَجْزَأَتْ فِي النَّفْلِ قَبْلَ ظُهْرِهِ
مُفَطِّرٍ عَمْدًا كَالاِسْتِعَاطِ
وَوَطْئِهِ وَقَيْئِهِ وَرِدَّتِهْ
وَمَا بِإِحْلِيلِ وَأُذْنٍ قَطَّرَهْ
وَافْعَلْ ثَلاَثاً فِعْلُهَا مَسْنُونُ
وَ قَوْلَ هُجْرٍ فِي الصِّيَامِ فَاهْجُرِ
يَجُزْ بِحَالٍ وَ الفَسَادُ فِيهِ عَمْ
مَا لَمْ يُوَافِقْ عَادَةَ التَّطَوُّعِ
أَوْ كَانَ عَنْ كَفَّارَةٍ فَيُرْتَضَى
صِيَامُهُ وَكُلِّ مَنْ قَدْ صَدَّقَهْ





فصل في موجب الكفارة والفدية وغير ذلك
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27 وَمَنْ يُجَامِعْ عَامِدًا نَهَارَهُ
إِعْتَاقُ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ وَمَا بِهِ
لَكِنَّهُ إِنْ لَمْ يَجِدْ يَصُومُ
أَوْ لَمْ يُطِقْ فَلْيُطْعِمَنْ مَمَّا غَلَبْ
وَبَعْدَ ذَا لَمْ يَسْقُطِ الوُجُوبُ
وَمَنْ يَمُتْ بِلاَ قَضَا إِنْ قَصَّرَا
إِنْ شَاءَ صَامَ صَوْمَهُ أَوْ أَطْعَمَا
وَجَائِزٌ لِلشَّخْصِ فِي سِنِّ الكِبَرْ
وَلاَ قَضَاءَ بَلْ تَعَيَّنَ الأَدَا
وَحَامِلٌ وَ مُرْضِعٌ تَضَرَّرَتْ
وَإِنْ يَكُنْ خَوْفًا عَلَى طِفْلٍ وَجَبْ
وَفِطْرُ ذِي تَمَرُّضٍ وَ ذِي سَفَرْ
وكُلُّ شَخْصٍ بِالقَضَا تَأَخَّرَا
وَعِدَّةُ الأَمْدَادِ كَالأَيَّامِ
فَبِالقَضَا أَلْزِمْهُ وَ الكَفَّارَهْ
عَيْبٌ يُخِلُّ بَعْدُ بِاكْتِسَابِهِ
شَهْرَيْنِ مَعْ تَتَابُعٍ يَدُومُ
سِتِّينَ مِسْكِينًا لِكُلٍّ مُدُّ حَبْ
بِالعَجْزِ لَكِنْ يَسْقُطِ التَّرْتِيبُ
كَانَ الوَلِيُّ بَعْدَهُ مُخَّيَّرَا
عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مُدَّ حَبٍّ قُدِّمَا
تَرْكُ الصِّيَامِ إِنْ تَحَقَّقَ الضَّرَرْ
عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مُدُّ حَبٍّ لِلْفِدَا
بِصَوْمِهَا أَوْ ضُرِّ طِفْلٍ أَفْطَرَتْ
مَعَ القَضَا عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مُدُّ حَبْ
قَصْرٍ مُبَاحٌ وَالقَضَا لَمْ يُغْتَفَرْ
حَتَّى أَتَى شَهْرُ الصِّيَامِ كَفَّرَا
وَكُرِّرَتْ تَكَرُّرَ الأَعْوَامِ



باب الإعتكاف
28
29
30
31
32
وَالإِعْتِكَافُ سُنَّةٌ وَ لْيُعْتَبَرْ
وَلَيْسَ مِنْ شُرُوطِهِ الصِّيَامُ
وَلَبْثُهُ بِمَسْجِدٍ وَالنِّيَهْ
وَبِالجُنُونِ وَ الجِمَاعِ يَبْطُلُ
وَبِالخُرُوجِ يَبْطُلُ المَنْذُورُ
وُجُوبُهُ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ نَذَرْ
بَلْ شَرْطُهُ التَّمْيِيزُ وَالإِسْلاَمُ
وَلْيَنْوِ فِي مَنْذُورِهِ الفَرْضِيَّهْ
كَذَا بِحَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ يَحْصُلُ
لَكِنْ لِعُذْرٍ يَخْرُجُ المَعْذُورُ











كتاب الصيام
تعريف الصيام
الصِّيَامِ هُوَ لُغَةً الْإِمْسَاكُ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى حِكَايَةٌ عَنْ مَرْيَمَ {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم: 26] أَيْ إمْسَاكًا وَسُكُوتًا عَنْ الْكَلَامِ.
وَشَرْعًا: إمْسَاكُ الْمُسْلِمِ الْمُمَيِّزِ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى آخِرِهِ بِالنِّيَّةِ سَالِمًا مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْوِلَادَةِ فِي جَمِيعِ النَّهَارِ الْقَابِلِ لِلصَّوْمِ وَمِنْ الْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ فِي بَعْضِهِ.
أنواع الصيام
والصوم المشروع للمسلم نوعان: فرض، ونفل.
فالفرض: صوم رمضان، وصوم الكفارة، وصوم النذر.
والنفل وهو كثير.
وَصَوْم رَمَضَان فرض بِالْإِجْمَاع مَعْلُوم من الدّين بِالضَّرُورَةِ فيكفر جاحده إِلَّا إِذا كَانَ جَاهِلا نَشأ ببادية بعيدَة عَن الْعلمَاء أَو كَانَ قريب عهد بِالْإِسْلَامِ وَمن ترك صَوْمه لغير عذر من سفر وَمرض غير جَاحد لوُجُوبه كَأَن قَالَ الصَّوْم وَاجِب عَليّ وَلَكِن لَا أَصوم حُبِسَ وَمُنِعَ من الطَّعَام وَالشرَاب نَهَارا لتحصل لَهُ صُورَة الصَّوْم.
وَبِانْتِهَــا شَعْبَــــــانَ لِلْكَمَــــــــــــالِ
أَوْ حُكْمِ قَاضٍ قَبْلُ بِالهِــــــــــــــــــــلاَل

ثبوت صوم رمضان
يجب صوم رمضان بدخول الشهر، ودخول الشهر يعلم بأحد أمرين:
الأول: استكمال شعبان ثلاثين يومًا عِنْد عدم ثُبُوت رَمَضَان لَيْلَة الثَّلَاثِينَ وذلك إذا غُمَّ الهلال سَوَاءٌ كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً أَوْ مُغَيِّمَةً غَيْمًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا.
عَن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إِذا رَأَيْتُمْ الْهلَال فصوموا وَإِذا رَأَيْتُمُوهُ فأفطروا فَإِن غم عَلَيْكُم فصوموا ثَلَاثِينَ يَوْمًا» وَفِي رِوَايَة: «صُومُوا لرُؤْيَته وأفطروا لرُؤْيَته فَإِن غم عَلَيْكُم فأكملوا الْعدة» وَفِي رِوَايَة أُخْرَى: «فَإِن غمي عَلَيْكُم الشَّهْر فعدوا ثَلَاثِينَ» مُتَّفق عَلَيْهِ. وَقَالَ البُخَارِيّ: «فأكملوا عدَّة شعْبَان ثَلَاثِينَ».
فهذا مقصود الناظم بقوله: (وَبِانْتِهَــا شَعْبَــــــانَ لِلْكَمَــــــــــــالِ)
الثاني: رؤية العدل الواحد الْهلَال لَيْلَة الثَّلَاثِينَ من شعْبَان إذا شهد بها عند القاضي لقول ابن عمر: أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أنى رأيت الهلال فصام وأمر الناس بصيامه.
وقول ابن عمر: أخبرت، أي: شهدت عنده؛ لأنه من باب الشهادة، لا الرواية.
ولا بد من لفظ الشهادة كأشهد أني رأيت الهلال، أو أنه هلَّ، ولا بد من الأداء عند القاضي ومن قول القاضي ثبت عندي، أو حكمت بشهادته.
والمعنى في ثبوته بواحد الاحتياط للصوم والمراد بالعدل عدل الشهادة لا الرواية.
تنبيه: وجوب الصيام بأحد هذين الأمرين: كمال شعبان، أو رؤية الهلال، هذا بالنسبة للوجوب العام.
وهناك وجوب خاص مثل وجوب الصوم على من انفرد برؤيته ولو فاسقا، ومن أخبره من يثق برؤيته واعتقد صدقة وإن لم يذكره عند القاضي.
وسيأتي -عند ذكر صوم يوم الشك- قول الناظم:
لَكِنْ عَلَى ذِي الرُّؤْيَةِ المُحَقَّقَهْ
صِيَامُهُ وَ كُلِّ مَنْ قَدْ صَدَّقَهْ

وعليه، فثبوت رمضان قسمان: ثبوت على العموم، وثبوت على الخصوص.




قال الناظم:
شهر الصيام واجب الصيام
بالعقل والبلوغ والإسلام

وقدرة على أداء الصوم
.........................................

شروط وجوب الصوم
إذا ثبت دخول الشهر بما تقدم فيجب صيام شهر رمضان بأربعة شروط: العقل، والبلوغ، والإسلام، والإطاقة.
الشرط الأول: العقل، فَلَا يَجِبُ عَلَى مَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَسَكْرَانَ. (مغني المحتاج، ونهاية المحتاج)
فزوال العقل يحصل بأمور: الجنون، والإغماء، والسكر، -وهذه الثلاثة لا يصح الصوم معها-، ويحصل زوال العقل بالنوم أيضا وهو لا يضر.
وهاك التفصيل:
أ- النائم: يصح صومه ولا يضره النوم وإن استغرق النوم اليوم؛ لأن عدم التمييز إن كان لنوم صح مطلقاً.
ب- وإن كان زوال العقل لإغماء فيصح إذا أفاق لحظة من النهار، وإن استغرق الإغماء اليوم منع الصحة.
واعلم أن المغمى عليه إذا أفاق قضى الصوم مطلقاً أي سواء تعدى بإغمائه أو لا، بخلاف الصلاة لا يجب عليه قضاؤها إلا إذا كان متعدياً بإغمائه.
ودليل قضاء المغمى عليه للصيام قوله تَعَالَى ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سفر فعدة من ايام أخر﴾ والاغماء مرض.
جـ- وإن كان زوال العقل لسكر فيصح إذا أفاق لحظة من النهار، وإن استغرق السكر اليوم منع الصحة.
واعلم أن السكران إذا أفاق قضى الصوم مطلقاً أي سواء تعدى بسكره أو لا، بخلاف الصلاة لا يجب عليه قضاؤها إلا إذا كان متعدياً بسكره.
د- وَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِمَرَضٍ أَوْ بِشُرْبِ دَوَاءٍ شَرِبَهُ لِحَاجَةٍ أَوْ بِعُذْرٍ آخَرَ لَزِمَهُ قَضَاءُ الصَّوْمِ دُونَ الصَّلَاةِ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَلَا يَأْثَمُ بِتَرْكِ الصَّوْمِ فِي زَمَنِ زَوَالِ عَقْلِهِ.
هـ- وإن كان زوال العقل لجنون لم يصح مطلقاً؛ لقوله صلي الله عليه وسلم "وعن المجنون حتى يفيق "
فالجنون يسلب حكم الاختيار بالكلية، ويستأصل قاعدةَ التكليف؛ فيعظم أثره، حتى يصير طريان القليل منه مفسداً للعبادة؛ فإنه يكاد يقلب الإنسان عن خاصية الإنسان، ويلحقه بالأحكام البهيمية.
ويجب القضاء على المتعدي بالجنون.
الشرط الثاني: البلوغ، فلا يجب على الصبي، ويؤمر الطفل بالصيام لسبع إذا أطاقه وميز، ويضرب على تركه لعشر كالصلاة.
قال في الفقه المنهجي: يقصد بالبلوغ السن التي إذا بلغها الإنسان ـ ذكراً أو أنثى ـ أصبح أهلاً لتوجه الخطاب إليه بالتكاليف الشرعية: من صلاة، وصوم، وحج، وغيرها.
ويعرف البلوغ بأمور:
الأول: الاحتلام بخروج المني، بالنسبة للذكر والأنثى.
الثاني: رؤية دم الحيض بالنسبة للأنثى. والوقت الذي يمكن أن يحصل فيه الاحتلام، أو الحيض، فيكون قد تحقق البلوغ، هو استكمال تسع سنين قمرية من العمر. ثم التأخر عن هذا الوقت أو عدم التأخر إنما يتبع طبيعة البلاد، وظروف الحياة.
الثالث: باستكمال الخامسة عشرة من العمر، بالسنين القمرية، إذا لم يحصل الاحتلام أو الحيض.
الشرط الثالث: الإسلام، وخرج بذلك الكافر، والكافر على قسمين: كافر أصلي، ومرتد. فالكافر الأصلي لا يجب عليه وجوب مطالبة به في الدنيا لعدم صحته منه، وإن وجب عليه وجوب عقاب في الآخرة لتمكنه من فعله بالإسلام، ولا قضاء عليه إذا أسلم ترغيبا له في الإسلام.
وأما المرتد فالنظر فيه من جهتين:
الأولى: هل يطالب المرتد بفعل الصوم في حال ردته في مدة الاستتابة؟
الثانية: هل يجب عليه الصيام في حال ردته، ويأثم بتركه؟
أما من الجهة الأولى فالمرتد لا يطالب بِفِعْلِ الصَّوْمِ فِي حَالِ رِدَّتِهِ فِي مُدَّةِ الِاسْتِتَابَةِ وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ، لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يَصِحُّ مِنْهُ أَدَاءُ عِبَادَةٍ فِي حَالِ الرِّدَّةِ لِفَسَادِ الْمُعْتَقَدِ فَإِذَا عَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ كَمَا يَقْضِي مَا ترك من الصلوات.
وأما من الجهة الثانية فَإِنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فِي حَالِ الرِّدَّةِ وَيَأْثَمُ بِتَرْكِهِ فِي حَالِ الرِّدَّةِ مع كونه لا يصح منه في حال الردة.
والخلاصة أن المرتد:
- مُكَلَّفٌ بِالصيام فِي حَالِ رِدَّتِهِ.
-وَلَا نُطَالِبُهُ بِفِعْلِهِ فِي حَالِ رِدَّتِهِ.
- وَإِذَا أَسْلَمَ لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ حتى زمن جنونه أو إغمائه في حال ردته لالتزامه بالإسلام.
الشرط الثالث: القدرة على أداء الصوم، فلا يجب على من لا يطيقه.
والإطاقة قسمان: إطاقة حسية، وإطاقة شرعية.
فلا يجب على من لا يطيقه حساً لكبر أو مرض لا يرجى برؤه.
أو شرعاً لنحو حيض، ومريض يرجى برؤه ومسافر. (بشرى الكئيب)
فصار من لا يجب عليه الصوم لعدم قدرته –وستأتي على ذكر أحكامهم قريبا-:
أ- الشيخ الكبير.
ب- المريض الذي لا يرجى برؤه.
جـ- المريض الذي يرجى برؤه.
د- المسافر.
هـ- الحائض والنفساء.




قال الناظم:
.........................................
مَعْ نِيَّةٍ فَرْضًا لِكُلِّ يَوْمِ


وَوَاجِبٌ تَقْدِيمُهَا عَنْ فَجْرِهِ
وَأَجْزَأَتْ فِي النَّفْلِ قَبْلَ ظُهْرِهِ


وَشَرْطُهُ الإِمْسَاكُ عَنْ تَعَاطيِ
مُفَطِّرٍ عَمْدًا...................


فروض الصوم
ذكر الناظم هنا فروض الصوم، وبعضهم يعبر بـ (أركان الصوم)، وبعضهم بـ (شروط الصوم) ويكون مقصودهم بالشرط (ما لا بد منه للصائم).
وهنا ذكر الناظم أن للصوم ركنين (فرضين):
الأول: النِيَّة لكل يَوْم، وإليه أشار الناظم بقوله: (مَعْ نِيَّةٍ فَرْضًا لِكُلِّ يَوْمِ).
وَالثَّانِي: الْإِمْسَاك عَن جَمِيع المفطرات.
الركن الأول
فأما الركن الأول وهو النِيَّة لكل يَوْم.
فدليله حديث: «إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ».
وَتجب النِّيَّة في الفرض والنفل لكل يوم لظاهر حديث «من لم يبيت النِّيَّة قبل الْفجْر فَلَا صِيَام لَهُ» ولِأَن كل يَوْم عبَادَة مُسْتَقلَّة، أَلا ترى أَنه لَا يفْسد بَقِيَّة الْأَيَّام بِفساد يَوْم مِنْهُ، فلو نوى أول ليلة من رمضان صوم الشهر كله صَحَّ لَهُ الْيَوْم الأول.
والكلام عن النية في الصيام في مسائل:
المسألة الأولى: النية محلها القلب، ولا تكفي باللسان قطعا، ولا يشترط التلفظ بها قطعا.
المسألة الثانية: إذا كان الصوم فرضا كصوم رمضان أو صوم نذر أو كفارة فإنه يشترط تبييت النية وهو إيقاعها ليلا، كما أشار إليه الناظم بقوله: (وواجب تقديمها عن فجره).
والدليل قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: «من لم يبيت النِّيَّة قبل الْفجْر فَلَا صِيَام لَهُ».
وَلَوْ نَوَى قَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لَمْ يُجْزِهِ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ.
وهنا تنبيهات:
الأول: لَو نسي النِّيَّة لَيْلًا وطلع الْفجْر وَهُوَ نَاس لم يحْسب لَهُ ذَلِك الْيَوْم لَكِن يجب عَلَيْهِ الْإِمْسَاك رِعَايَة لحُرْمَة الْوَقْت.
الثاني: المراد بالليل الذي تجزئ النية فيه ما بين غروب الشمس وطلوع الفجر - سواء كان من أوله، أو آخره، أو وسطه - وهذا هو المعتمد.
الثالث: لا يضر الأكل والجماع وَكُلُّ مُفْطِرٍ بعد النية، إلَّا الرِّدَّةَ.
الرابع: لا يجب تجديدها إذا نام بعد النية ثم انتبه ليلا.
الخامس: يجب التعيين في الفرض بأن ينوي كل ليلة أنه صائم غدا من رمضان، أو عن نذر، أو عن كفارة. وَكَمَالُ التعيين فِي رَمَضَانَ أَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ غَدٍ عَنْ أَدَاءِ فَرْضِ رَمَضَانَ هَذِهِ السَّنَةِ لِلَّهِ تَعَالَى
السادس: لَو تسحر ليصوم أَو شرب لدفع الْعَطش نَهَارا أَو امْتنع من الْأكل أَو الشّرْب أَو الْجِمَاع خوف طُلُوع الْفجْر كَانَ ذَلِك نِيَّة إِن خطر بِبَالِهِ الصَّوْم بِالصِّفَاتِ الَّتِي يشْتَرط التَّعَرُّض لَهَا (كَكَوْنِهِ عَنْ رَمَضَانَ أَوْ عَنْ كَفَّارَةٍ) لتضمن كل مِنْهَا قصد الصَّوْم، فهو إِذَا تَسَحَّرَ لِيَصُومَ صَوْمَ كَذَا، فَقَدْ قَصَدَهُ.
وكذا لو تسحر ليتقوى على الصوم وخطر بباله ذلك كَانَ ذَلِك نِيَّة أيضا.
السابع: لَوْ نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ صَوْمَ غَدٍ عَنْ رَمَضَانَ إنْ كَانَ مِنْهُ فَكَانَ مِنْهُ لَمْ يَقَعْ عَنْهُ لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِالنِّيَّةِ؛ إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ شَعْبَانَ، إلَّا إذَا اعْتَقَدَ كَوْنَهُ مِنْهُ بِقَوْلِ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ صِبْيَانٍ رُشَدَاءَ.
وَلَوْ نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ صَوْمَ غَدٍ إنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ أَجْزَأَهُ إنْ كَانَ مِنْهُ؛ لأن الأصل بقاء رمضان فاستصحب.
الثامن: يشترط في صوم الفرض التبييت، ولو كان الناوي صبيا مميزا، نظرا لذات الصوم، وإن كان صومه يقع نفلا، وليس لنا صوم نفل يشترط فيه ذلك إلا هذا، فيلغز به ويقال: لنا صوم نفل يشترط فيه تبييت النية.
التاسع: يُسن فِي أول الشَّهْر أَن يَنْوِي صَوْم جَمِيعه وَذَلِكَ يُغني عَن تجديدها فِي كل لَيْلَة عِنْد الإِمَام مَالك فَيسنّ ذَلِك عندنَا لِأَنَّهُ رُبمَا نسي التبييت فِي بعض اللَّيَالِي فيقلد الإِمَام مَالِكًا.
المسألة الثالثة: صوم التطوع مثل صوم الفرض لا يصح إلا بنية، ولكن يَصِحُّ صَوْمُ النَّفْلِ بِنِيَّةٍ مِنْ النَّهَارِ قَبْلَ الزَّوَالِ، وهذا مقصود الناظم بقوله: (وَأَجْزَأَتْ فِي النَّفْلِ قَبْلَ ظُهْرِهِ)
فَلَا بَأْسَ إنْ أَصْبَحَ ولم يأت بمناقض للصوم كَكُفْرٍ، وَجِمَاعٍ، وَأَكْلٍ، وَجُنُونٍ، وَحَيْضٍ، وَنِفَاسٍ، أَنْ يَنْوِيَ الصَّوْمَ قَبْلَ الزَّوَالِ ففي حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا الذي رواه مسلم قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ: «يَا عَائِشَةُ هَلْ عندكم شيء؟» فقلت: يا رسول الله ما عندنا شيء. قَالَ: «فَإِنِّي صَائِمٌ» هَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ، وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذا اصوم»، وقوله صلى الله عليه وسلم: « إذا أَصُومُ» مَعْنَاهُ أَبْتَدِئُ نِيَّةَ الصِّيَامِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِلدارقطني، وَقَالَ: إسْنَادُهَا صَحِيحٌ «هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ غَدَاءٍ».
ووجه الدلالة في هذه الرواية على أن التطوع تصح نيته من النَّهَار، إذا كانت النِّية قبل الزَّوَال، لا بعده؛ أنَّ الْغَدَاءَ -بِفَتْحِ الْغَيْنِ- اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَالْعَشَاءُ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ بَعْدَهُ، وَلِأَنَّهُ مَضْبُوطٌ بَيِّنٌ، وَلِإِدْرَاكِ مُعْظَمِ النَّهَارِ بِهِ.
وإذا نوى صوم التطوع من النهار، فهل يكون صائمًا من أول النهار، ويثاب عليه، أو من وقت النية لا غير؟
الجواب: يُحْكَمُ بِالصَّوْمِ في ذلك من أَوَّلِ النَّهَارِ حتى يُثَابَ على جَمِيعِهِ إذْ صَوْمُ الْيَوْمِ لَا يَتَبَعَّضُ كما في الرَّكْعَةِ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ.
الركن الثاني
وَأما الركن الثاني من أركان الصوم فهو الْإِمْسَاك عَن جَمِيع المفطرات.
وإليه أشار الناظم بقوله: (وشرطه الإمساك عن تعاطي مفطر ...).
وقول الناظم: (وشرطه الإمساك) مراده بالشرط ما لا بد منه، كما قال في تحفة المحتاج عند شرحه لقول النووي:( شَرْط الصَوْم: الإِمْساك: عَن الجِماع ...) قال ابن حجر الهيتمي: وَالْمُرَادُ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لَا الِاصْطِلَاحِيُّ وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ لِلصَّوْمِ حَقِيقَةٌ؛ إذْ هِيَ النِّيَّةُ وَالْإِمْسَاكُ.
والْفُقَهَاءَ قَدْ يُرِيدُونَ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَتَنَاوَلُ حِينَئِذٍ جُزْءَ الشَّيْءِ.
قال الناظم:
وَشَرْطُهُ الإِمْسَاكُ عَنْ تَعَاطيِ
مُفَطِّرٍ عَمْدًا كَالاِسْتِعَاطِ

وَأَكْلِهِ وَ شُرْبِهِ وَ حُقْنَتِهْ
وَوَطْئِهِ وَ قَيْئِهِ وَ رِدَّتِهْ



كَذَلِكَ الإِنْزَالُ عَنْ مُبَاشَرَهْ
وَمَا بِإِحْلِيلِ وَأُذْنٍ قَطَّرَهْ


وَالحَيْضُ وَالنِّفَاسُ وَالجُنُونُ

أنواع المفطرات:
الأكل والشرب والاستعاط والحقنة (وهو جعل الدواء ونحوه في الدبر) والتقطير في الإحليل (مَجْرَى الْبَوْلِ مِنَ الذَّكَرِ) والتقطير في الأذن كلها تفطر الصائم إذا تعاطاها، وكلها تندرج تحت ضابط صاغه الفقهاء بقولهم: (ضابطُ المفطّرِ: وصولُ عينٍ وإنْ قلَّتْ منْ منفدٍ مفتوحٍ إلى جوفٍ عن قصد مع ذكر الصوم).
فالبطن جوف ووصول الْعين إِلَيه يحصل بِأَكْل أَو شرب.
والدماغ جوف ووصول الْعين إِلَيه يحصل باستعاط.
والمثانة (وَهِي مجمع البول) جوف ووصول الْعين إِلَيها يحصل بتقطير فِي إحليل وَإِن لم يُجَاوز الْحَشَفَة.
والدبر جوف ووصول الْعين إِلَيه يحصل بحقنة أَو نَحْوهَا.
وباطن الأذن جوف ووصول الْعين إِلَيه يحصل بِنَحْوِ التقطير.
وقولهم: (وصول عين) يشمل مَا يعْتَاد أكله ومالا يعْتَاد أكله كالحصاة.
وخَرَجَ بِالْعَيْنِ الْأَثَرُ كَوُصُولِ الرِّيحِ بِالشَّمِّ إلَى دِمَاغِهِ وَالطَّعْمِ بِالذَّوْقِ إلَى حَلْقِهِ.
وَمِنَ العَيْنِ الدُّخان الْمَعْرُوف بِخِلَاف دُخان البخور لِأَن شَأْنه الْقلَّة.
وقولهم: (من منفذ مفتوح) يُؤْخَذ من التَّقْيِيد بالمنفذ المفتوح أَن الْوَاصِل بتشرب المسام لَا يضر، فَلَا يضر الاكتحال وَإِن وجد أَثَره فِي الْحلق، كَمَا لَا يضر الِاغْتِسَال بِالْمَاءِ وَإِن وجد أثر الْبُرُودَة أَو الْحَرَارَة بباطنه.
(ومَسَامُّ الْجَسَدِ: ثُقْبُهُ)
وقولهم: (عَن قصد) معناه أن مِنْ قُيُودِ الْمُفْطِرِ وُصُولَهُ بِقَصْدٍ، فَلَوْ طَارَتْ ذُبَابَةٌ إِلَى حَلْقِهِ، أَوْ وَصَلَ غُبَارُ الطَّرِيقِ، أَوْ غَرْبَلَةُ الدَّقِيقِ إِلَى جَوْفِهِ، لَمْ يُفْطِرْ.
وَلَوْ طُعِنَ أَوْ أُوجِرَ (صبَّ دواء في حلقه) بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، لَمْ يُفْطِرْ.
فَلَوْ كَانَ مُغْمًى عَلَيْهِ فَأُوجِرَ مُعَالَجَةً وَإِصْلَاحًا لَهُ، وَقُلْنَا: لَا يَبْطُلُ الصَّوْمُ بِمُجَرَّدِ الْإِغْمَاءِ، فَفِي بُطْلَانِهِ بِهَذَا الْإِيجَارِ وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: لَا يُفْطِرُ.
حكم ابتلاع الريق والنخامة:
ابتلاع الرِّيق لَا يفْطر فَلَو اخْتَلَط بِغَيْرِهِ سَوَاء كَانَ طَاهِرا كمن فتل خيطاً مصبوغاً أَو نجسا كمن دميت لثته وَهِي لحم أَسْنَانه وَتغَير الرِّيق بِالدَّمِ فَإِنَّهُ يفْطر بِلَا خلاف( ) فَلَو ذهب الدَّم وابيض الرِّيق فَالصَّحِيح أَنه يفْطر أَيْضا وينجس فَمه وَلَا يطهره إِلَّا المَاء فيتمضمض وَلَو خرج الرِّيق إِلَى شفته فَرده بِلِسَانِهِ وابتلعه أفطر وَكَذَا لَو فتل خيطاً كَمَا لَو بله بريقه ثمَّ أدخلهُ فَمه وَهُوَ رطب وَحصل من ريق الْخَيط مَعَ رِيقه الَّذِي فِي فَمه فابتلعه فَإِنَّهُ يفْطر بِخِلَاف مَا لَو أخرج لِسَانه وعَلى رَأسه ريق وَلم ينْفَصل وابتلعه فَإِنَّهُ لَا يفْطر على الْأَصَح.
وَلَوْ بَقِيَ طَعَامٌ بَيْنَ أَسْنَانِهِ فَجَرَى بِهِ رِيقُهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لَمْ يُفْطِرْ إنْ عَجَزَ عَنْ تَمْيِيزِهِ وَمَجِّهِ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ فِيهِ غَيْرُ مُفَرِّطٍ.
وَلَو نزلت نخامة من رَأسه وَصَارَت فَوق الْحُلْقُوم نظر إِن لم يقدر على إخْرَاجهَا ثمَّ نزلت إِلَى الْجوف لم يفْطر وَإِن قدر على إخْرَاجهَا وَتركهَا حَتَّى نزلت بِنَفسِهَا أفطر أَيْضا لتَقْصِيره.
وَلَوْ سَبَقَ مَاءُ الْمَضْمَضَةِ أَوْ الِاسْتِنْشَاقِ إلَى جَوْفِهِ نَظَرَ إنْ بَالَغَ أَفْطَرَ وَإِلَّا فَلَا.
ذكر بقية المفطرات:
ذكرنا فيما سبق من المفطرات التي ذكرها الناظم الاستعاط والأكل والشرب والحقنة والتقطير في الإحليل والتقطير في الأذن.
وبقي من المفطرات التي ذكرها الناظم الوطء، والقيء عمدا، والردة، والاستمناء عن مباشرة، والحيض، والنفاس، والجنون.
فيفطر الصائم بوطئه: بِإِدْخَال حشفته أَو قدرهَا من مقطوعها عمدا مُخْتَارًا عَالما بِالتَّحْرِيمِ فِي الْفرج وَلَو دبرا من آدَمِيّ أَو غَيره أنزل أم لَا.
وقيئه: وَإِن تَيَقّن أَنه لم يرجع شَيْء إِلَى جَوْفه كَأَن تقايأ مُنَكسًا ؛ فَمن تقيأ عمدا أفطر وَإِن غَلبه الْقَيْء لم يفْطر لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من ذرعه الْقَيْء وَهُوَ صَائِم فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاء وَمن استقاء فليقض) وذرعه أي غَلبه.
وكالقيء التجشؤ فَإِن تَعَمّده وَخرج شَيْء من معدته إِلَى حد الظَّاهِر أفطر وَإِن غَلبه فَلَا.
وَخرج بقوله عمدا مَا لَو كَانَ نَاسِيا وَلَا بُد أَن يكون عَالما بِالتَّحْرِيمِ مُخْتَارًا لذَلِك، فإن كان جاهلا لقرب عهده بالإسلام أو نشأ بعيدا عن العلماء أو مكرها لم يفْطر كَمَا لَو غَلبه الْقَيْء.
وكَثِيرًا مَا يَسْعَى الْإِنْسَانُ فِي إخْرَاجِ ذُبَابَةٍ وَصَلَتْ لِحَدِّ الْبَاطِنِ وَهُوَ خَطَأٌ، فَلَوْ دَخَلَتْ ذُبَابَةٌ جَوْفَهُ أَفْطَرَ بِإِخْرَاجِهَا مُطْلَقًا لِأَنَّهُ كَالْقَيْءِ، وَجَازَ لَهُ إخْرَاجُهَا إنْ ضَرَّ بَقَاؤُهَا مَعَ الْقَضَاءِ.
وردته: وَالردة هِيَ الرُّجُوع عَن الْإِسْلَام إِلَى الْكفْر وَقطع الْإِسْلَام وَيحصل تَارَة بالْقَوْل وَتارَة بِالْفِعْلِ وَتارَة بالاعتقاد.
ومتى طرأت الردة فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ وَلَوْ لَحْظَةً بطل صومه.
والإنزال عن مباشرة: حاصل الإنزال أنه إن كان بالاستمناء، أي بطلب خروج المني، سواء كان بيده أو بيد زوجته أو بغيرهما بحائل أو لا يفطر مطلقاً. وأما إذا كان الإنزال باللمس من غير طلب الاستمناء، أي خروج المني، فتارة تكون مما تشتهيه الطبائع السليمة أو لا، فإن كان لا تشتهيه الطباع السليمة كالأمرد الجميل والعضو المبان فلا يفطر بالإنزال مطلقاً سواء كان بشهوة أو لا، بحائل أو لا. وأما إذا كان الإنزال بلمس ما يشتهي طبعاً فتارة يكون محرماً وتارة يكون غير محرم، فإن كان محرماً وكان بشهوة وبدون حائل أفطر وإلا فلا، وأما إذا كان غير محرم كزوجته فيفطر الإنزال بلمسه مطلقاً بشهوة أو لا بشرط عدم الحائل. وأما إذا كان بحائل فلا فطر به مطلقاً بشهوة أو لا.
وَالْمرَاد بالشهوة أَن يقْصد مُجَرّد اللَّذَّة من غير أَن يقْصد خُرُوج الْمَنِيّ وَإِلَّا كَانَ استمناء وَهُوَ مفطر مُطلقًا كَمَا مر.
وَخرج بِالْمُبَاشرَةِ النّظر والفكر فَلَو نظر أَو تفكر فأمنى فَلَا فطر مَا لم يكن من عَادَته الْإِنْزَال بذلك وَإِلَّا أفطر وَلَو أحس بانتقال الْمَنِيّ وتهيئه لِلْخُرُوجِ بِسَبَب النّظر فاستدامه حَتَّى أنزل أفطر قطعا وَلَا يضر نُزُوله فِي النّوم وَيحرم نَحْو اللَّمْس كالقبلة إِن حرك شَهْوَته خوف الْإِنْزَال وَإِلَّا فَتَركه أولى
وَمن خصوصياته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَوَاز الْقبْلَة فِي الصَّوْم الْمَفْرُوض مَعَ قُوَّة شَهْوَته لِأَنَّهُ كَانَ أملك النَّاس لإربه.
وما بإحليل وأذن قطره: هَذَا دَاخِلٌ فِيمَا وَصَلَ مِنْ عَيْنٍ إلَى الْجَوْفِ، وقد تقدم.
والحيض، والنفاس، والجنون: فمتى طرأ شيء منها في أثناء الصوم أبطله.
ومن مبطلات الصوم أيضا الولادة على المعتمد.
فأما الحائض والنفساء فيجب عليهما الإفطار مع القضاء، وأما المجنون فقد تقدم حكمه.
قال الناظم:
........................................ وافعل ثلاثا فعلها مسنون

فالفطر عجل والسحور أخر
وقول هجر في الصيام فاهجر

مَا يسْتَحبّ فِي الصَّوْم:
ذكر الناظم ثلاثة أشياء مما يستحب في الصوم:
الأول: (فالفطر عجل) يستحب للصائم تَعْجِيل الْفطر إذَا تَحَقَّقَ غُرُوبُ الشَّمْسِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ» زَادَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: «وَأَخَّرُوا السُّحُورَ» وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مُخَالَفَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَكَثِيرٍ مِنْ الْمُبْتَدِعَةِ كَالشِّيعَةِ، فَإِنَّهُمْ يُؤَخِّرُونَ الْفِطْرَ إلَى ظُهُورِ النَّجْمِ، وَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ إنْ قَصَدَ ذَلِكَ وَرَأَى أَنَّ فِيهِ فَضِيلَةً وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ بِهِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْإِمَامِ. وَيُسَنُّ كَوْنُهُ عَلَى رُطَبٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَعَلَى تَمْرٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَى مَاءٍ لِخَبَرِ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى رُطَبَاتٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى تَمَرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ فَإِنَّهُ طَهُورٌ» رواه الترمذي.
الثاني: (والسحور أخر) وَيستحب للصائم تَأْخِير السّحُور فَفِي الحَدِيث «إِن تَأْخِير السّحُور من سنَن الْمُرْسلين» وَفِي الحَدِيث أَيْضا أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ: «لَا تزَال أمتِي بِخَير مَا عجلوا الْفطر وأخروا السّحُور»، وَلِأَن فِي التَّأْخِير حِكْمَة مشروعيته وَهِي التَّقَوِّي على الْعِبَادَة وَالله أعلم.
وَاعْلَم أَن اسْتِحْبَاب السّحُور مجمع عَلَيْهِ وَيحصل بِقَلِيل الْأكل وبالماء وفِي صَحِيح ابْن حبَان «تسحرُوا وَلَو بجرعة مَاء»، وَيدخل وَقت السّحُور بِنصْف اللَّيْل.
الثالث: (وقول هجر في الصيام فاهجر) (الهُجْر): الْقَبِيح من الْكَلَام، (فاهجر): فاترك.
فيصون الصائم لسانَه عن الكذب والغِيبة وهذا واجب على كل أحد، ويتأكد للصائم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» رواه البخاري، وإن شتمه أحدٌ فليقل: «إني صائم».

قال الناظم:
والصوم في العيدين والتشريق لم
يجز بحال بل فساده انحتم

ما يحرم صومه من الأيام:
ذكر الناظم في البيت خمسة أيام يحرم صيامها:
الأول والثاني: يوم الفطر ويوم النحر لما في الصحيحين عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نهى عن صيام يَوْمَيْنِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ النَّحْرِ».
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَحْرِيمِ صَوْمِ يَوْمَيْ الْعِيدَيْنِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، فَإِنْ صَامَ فِيهِمَا لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَهُمَا لَمْ ينعقد نذره ولا شيء عَلَيْهِ لأنه نَذَرَ صَوْمًا مُحَرَّمًا فَلَمْ يَنْعَقِدْ كَمَنْ نَذَرَتْ صوم أيام حيضها.
الثالث والرابع والخامس: أيام التشريق وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة، وَسُمِّيَتْ هَذِهِ الْأَيَّامُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يُشَرِّقُونَ فِيهَا لُحُومَ الْأَضَاحِيّ وَالْهَدَايَا - أَيْ يَنْشُرُونَهَا - وَهِيَ الْأَيَّامُ الْمَعْدُودَةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ فِيهَا بِذِكْرِهِ، وَيُقَالُ لَهَا أَيَّامُ مِنَى لِأَنَّ الْحُجَّاجَ يُقِيمُونَ فِيهَا بِمِنَى.
عَنْ أَبِي مُرَّةَ، مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ، أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَلَى أَبِيهِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَرَّبَ إِلَيْهِمَا طَعَامًا، فَقَالَ: كُلْ، فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ عَمْرٌو: كُلْ، «فَهَذِهِ الْأَيَّامُ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِإِفْطَارِهَا، وَيَنْهَانَا عَنْ صِيَامِهَا»، قَالَ مَالِكٌ: «وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ». رواه أبو داود.
وفي صحيح مسلم عَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ».
وهل يجوز في أيام التشريق للمتمتع العادم للهدى أن يصومها عن الثلاثة ايام اللازمة عليه في الحج؟ فيه قولان:
القديم أنه يجوز لما رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ قَالَا: " لَمْ يُرَخَّصْ في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدى".
وَهِي الْمشَار إِلَيْهَا فِي قَوْله تَعَالَى: (فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج) وَاخْتَارَ النَّوَوِيّ هَذَا القَوْل وَصَححهُ ابْن الصّلاح قبله.
وفي الْجَدِيدِ -وَهو الْمذهب- لا يصح صومها وَلَوْ لِمُتَمَتِّعٍ لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ صِيَامِهَا.
قال الناظم:
وَيَوْمُ شَكٍّ مِثْلُهَا فَلْيُمْنَعِ
مَا لَمْ يُوَافِقْ عَادَةَ التَّطَوُّعِ

أَوْ صَامَهُ عَنْ نَذْرِهِ أَوْ عَنْ قَضَا
أَوْ كَانَ عَنْ كَفَّارَةٍ فَيُرْتَضَى

لَكِنْ عَلَى ذِي الرُّؤْيَةِ المُحَقَّقَهْ
صِيَامُهُ وَ كُلِّ مَنْ قَدْ صَدَّقَهْ

صوم يوم الشك
ضابط يوم الشك:
هُوَ يَوْم الثَّلَاثِينَ من شعْبَان إِذا تحدث النَّاس بِرُؤْيَة الْهلَال ليلته وَلم يثبت عند الحاكم، أَو شهد بِهِ عدد من النِّسَاء أَو العبيد أَو الْفُسَّاق أَو الصّبيان وَظن صدقهم وَالسَّمَاء مصحية بِخِلَاف مَا إِذا أطبق الْغَيْم فَلَيْسَ بشك وَإِن تحدث النَّاس بِرُؤْيَتِهِ أَو شهد بهَا من ذكر لِخَبَرِ «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ»
حكم صيام يوم الشك:
يمنع صوم يوم الشك لتحريمه مثل العيدين والتشريق، فلا يجوز لأحد أن يصوم هذا اليوم تحرياً لأجل رَمَضَان، وَلَا يَحِلُّ التَّطَوُّعُ بِالصَّوْمِ يَوْمَ الشَّكِّ بِلَا سَبَبٍ قَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ «مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.
وذكر الناظم أربع صور يجوز فيها صوم يوم الشك:
الأولى: (ما لم يوافق عادة التطوع) يعني يمنع صوم يوم الشك إِلَّا أَن يُوَافق صَوْمه عَادَة لَهُ فِي تطوعه كَأَن كَانَ يسْرد الصَّوْم أَو يَصُوم يَوْمًا وَيفْطر يَوْمًا أَو الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيس فَوَافَقَ صَوْمه يَوْم الشَّك فلا حرمة؛ لخَبر: «لَا تقدمُوا رَمَضَان بِصَوْم يَوْم أَو يَوْمَيْنِ إِلَّا رجل كَانَ يَصُوم صوما فليصمه».
الثلاث الباقية: (أو صامه عن نذره أو عن قضا أو كان عن كفارة) يعني فإن صامه عن نذر مستقر في ذمته من قبل، أو عن قضاء، ولو كان القضاء لنفل، أو صامه عن كفارة، فلا يمنع؛ لخَبر: «لَا تقدمُوا رَمَضَان بِصَوْم يَوْم أَو يَوْمَيْنِ إِلَّا رجل كَانَ يَصُوم صوما فليصمه» فقيس بما في الحديث من العادة: النذر، والقضاء، والكفارة - بجامع السبب -.
وجوب صيام يوم الشك عن رمضان على من انفرد برؤية الهلال:
قال الناظم: (لكن على ذي الرؤية المحققة صيامه)
يستثنى من تحريم صوم يوم الشك ما إذا رأى إنسان هلال شهر رمضان وحده، ولم يقبل الحاكم شهادته، فإنه يجب عليه أن يصوم؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صوموا لرؤيته». وهذا قد رأى، ولأنه عنده من شهر رمضان بيقين فلزمه الصوم، وإن جامع فيه وجبت عليه الكفارة، كما لو قبل الحاكم شهادته.
وإن رأى هلال شوال وحده أفطر، ولكنه يستخفي بذلك؛ لئلا يعرض نفسه للتهمة وعقوبة السلطان؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وأفطروا لرؤيته»، وهذا قد رأى، ولأنه قد تيقن أنه من شوال، فحل له الأكل، كما لو قامت البينة.
قال الناظم: (وكل من قد صدقه)
وَيَجِبُ الصَّوْمُ أَيْضًا عَلَى مَنْ أَخْبَرَهُ مَوْثُوقٌ بِهِ بِالرُّؤْيَةِ إذَا اعْتَقَدَ صِدْقَهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ عِنْدَ الْقَاضِي.
قال الناظم:
فصل في بيان ما تجب فيه الكفارة والفدية وغير ذلك مما يأتي
وَمَنْ يُجَامِعْ عَامِدًا نَهَارَهُ
فَبِالقَضَا أَلْزِمْهُ وَالكَفَّارَهْ

إِعْتَاقُ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ وَمَا بِهِ
عَيْبٌ يُخِلُّ بَعْدُ بِاكْتِسَابِهِ

لَكِنَّهُ إِنْ لَمْ يَجِدْ يَصُومُ
شَهْرَيْنِ مَعْ تَتَابُعٍ يَدُومُ

أَوْ لَمْ يُطِقْ فَلْيُطْعِمَنْ مَمَّا غَلَبْ
سِتِّينَ مِسْكِينًا لِكُلٍّ مُدُّ حَبْ




وَبَعْدَ ذَا لَمْ يَسْقُطِ الوُجُوبُ
بِالعَجْزِ لَكِنْ يَسْقُطِ التَّرْتِيبُ


الجماع في رمضان وما يجب به:
إذا جامع الرجل امرأته بالنهار عمداً، بطل صومه. فإن كان في نهار رمضان، يجب عليه القضاء والكفارة العظمى، وهو عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً؛ كما في كفارة الظهار.
والدليل: ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما –واللفظ لمسلم- عن أبي هريرة قال: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: هَلَكْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «وَمَا أَهْلَكَكَ؟» قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ: «هَل تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟» قَالَ: لَا، ثُمَّ جَلَسَ، فَأُتِي النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ. فَقَالَ: «تَصَدَّقْ بِهَذَا»، فَقَالَ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنَّا؟ فَمَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنَّا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: «اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ».
وقول الناظم: (فَبِالقَضَا أَلْزِمْهُ وَالكَفَّارَهْ).
أما القضاء فيجب على الواطئ، ويجب عَلَى الْمَوْطُوءَةِ الْمُكَلَّفَةِ أيضًا لِإِفْسَادِ صَوْمِهِمَا بِالْجِمَاعِ.
وَأما الْكَفَّارَةُ فتلزم الواطئ وَحْدَهُ دُونَهَا لِنُقْصَانِ صَوْمِهَا بِتَعَرُّضِهِ لِلْبُطْلَانِ بِعُرُوضِ الْحَيْضِ أَوْ نَحْوِهِ فَلَمْ تَكْمُلْ حُرْمَتُهُ حَتَّى تَتَعَلَّقَ بِهَا الْكَفَّارَةُ فَتَخْتَصُّ بِالرَّجُلِ الْوَاطِئِ، وَلِأَنَّهَا غُرْمٌ مَالِيٌّ يَتَعَلَّقُ بِالْجِمَاعِ كَالْمَهْرِ.
الضابط في وجوب الكفارة بالجماع:
تَجِبُ الكفارة عَلَى مَنْ أَفْسَدَ صَوْمَ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ بِجِمَاعٍ تَامٍّ أَثِمَ بِهِ بِسَبَبِ الصَّوْمِ.
فخرج بقولهم: (أَفسد) مَنْ جَامَعَ نَاسِيًا فإنه لَا يُفْطِرُ عَلَى الْمَذْهَبِ. وخرج بقولهم: (مِنْ رَمَضَانَ) إِفْسَادُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ وَالنَّذْرِ وَالْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ بِالْجِمَاعِ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا هِيَ لِحُرْمَةِ رَمَضَانَ.
وخرج بقولهم: (بِجِمَاعٍ) الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالِاسْتِمْنَاءُ وَالْمُبَاشَرَةُ دُونَ الْفَرْجِ فَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا كُلِّهَا عَلَى المذهب.
وخرج بقولهم (تَامٍّ) الْمَرْأَةُ إذَا جُومِعَتْ فَإِنَّهَا يَحْصُلُ فِطْرُهَا بِتَغْيِيبِ بَعْضِ الْحَشَفَةِ فَلَا يَحْصُلُ الْجِمَاعُ التَّامُّ إلَّا وَقَدْ أَفْطَرَتْ لِدُخُولِ دَاخِلٍ فِيهَا فَالْفِطْرُ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الدُّخُولِ، وَأَحْكَامُ الْجِمَاعِ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِتَغْيِيبِ كُلِّ الْحَشَفَةِ فيصدق عَلَيْهَا أَنَّهَا أَفْطَرَتْ بِالْجِمَاعِ قَبْلَ تَمَامِهِ.
وَخرج بقولهم: (أَثِمَ بِهِ) من جَامَعَ بَعْدَ الْفَجْرِ ظَانًّا بَقَاءَ اللَّيْلِ فَإِنَّ صَوْمَهُ يَفْسُدُ وَلَا كَفَّارَةَ.
وخرج بقولهم: (بِسَبَبِ الصَّوْمِ) الْمُسَافِرُ إذَا شَرَعَ فِي الصَّوْمِ ثُمَّ أَفْطَرَ بِالزِّنَا مُتَرَخِّصًا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ وَإِنْ أَفْسَدَ صَوْمَ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ بِجِمَاعٍ تَامٍّ أَثِمَ بِهِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَأْثَمْ بِهِ بِسَبَبِ الصَّوْمِ لِأَنَّ الْإِفْطَارَ جَائِزٌ لَهُ وانما أثم بالزنا.
الرقبة المجزئة في الكفارة:
إذا كفر المجامع بإعتاق رقبة، فلا بد أن تكون رقبة مؤمنة سليمة من عيب يخل بالعمل والكسب، كما قال الناظم:
إعتاق عبد مؤمن وما به
عيب يخل بعد باكتسابه


فلا يجزئ في الكفارات كلها إلا رقبة مؤمنة؛ لأن الله تعالى ذكر الرقبة في كفارة القتل، وقيدها بالإيمان، وذكر الرقبة في كفارة الظهار وكفارة اليمين، وأطلق ذكرها، فوجب أن يحمل المطلق على المقيد.
واحتج الشافعي على التقييد بحديث معاوية بن الحكم: أنه سال النبي صلى الله عليه وسلم أن عليه عتق رقبة فهل تعتق عليه هذه الجارية؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أين الله؟» قالت: في السماء، فقال: «من أنا؟» فقالت: رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «أعتقها فإنها مؤمنة».
ولو كان يجزئه غير المؤمنة لقال: أعتق أي رقبة شئت.
ولا يجزئ في الكفارة عتق رقبة معيبة، والمراد بالعيوب التي تمنع الإجزاءَ العيوبُ التي تضر بالعمل ضررا بينا، فكل عيب أضر بالعمل ضررا بينا منع الإجزاء في الكفارة؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَكْمِيلُ حَالِهِ لِيَتَفَرَّغَ لِوَظَائِفِ الْأَحْرَارِ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إذَا اسْتَقَلَّ بِكِفَايَةِ نَفْسِهِ وَإِلَّا فَيَصِيرُ كَلًّا عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ.
واحتج الشافعي على ذلك بالإجماع.
وقول الناظم:
لَكِنَّهُ إِنْ لَمْ يَجِدْ يَصُومُ
شَهْرَيْنِ مَعْ تَتَابُعٍ يَدُومُ

معناه أن من لم يجد الرقبة المجزئة ليكفر بها وهو قادر على الصيام، لزمه أن يصوم شهرين متتابعين، لأن الكفارة الواجبة بإفساد الصوم بالجماع على الترتيب، فيجب عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً.
كيف يحسب الشهرين:
-إن كان قد نوى الصوم عن الكفارة أول ليلة من الشهر، صام شهرين متتابعين هلاليين، سواء كانا تامين أو ناقصين، أو أحدهما تاما والآخر ناقصا.
-وإن كان ابتدأ الصوم وقد مضى من الشهر يوم أو أكثر، صام ما بقي من الشهر بالعدد، وصام الشهر الذي بعده بالهلال، تاما كان أو ناقصا، وتمم عدد الأول من الثالث ثلاثين يوما، تاما كان أو ناقصا.
اشتراط التتابع:
ويشترط التتابع في صوم الشهرين، فإن أفطر في يوم في أثناء الشهرين، فإن كان أفطر لغير عذر، انقطع التتابع، ولزمه أن يبدأ صوم شهرين متتابعين.
ومعنى أن يصوم شهرين متتابعين أن يوالي بالصوم أيامهما، ولا يفطر فيهما لغير عذر، وإن لم يفعل ذلك صار كما لو لم يصم.
وإن عجز عن الصوم لكبر أو لعلة، أو لأنه يلحقه من الصوم مشقة شديدة أو زيادة في المرض، أو يلحقه مشقة شديدة في الصوم من الجوع والعطش، (ويدخل في المشقة الشديدة شدة الشبق)، وكان قادرا على الإطعام، لزمه الانتقال إلى الطعام، كما قال الناظم:
أَوْ لَمْ يُطِقْ فَلْيُطْعِمَنْ مَمَّا غَلَبْ
سِتِّينَ مِسْكِينًا لِكُلٍّ مُدُّ حَبْ




فيطعم ستين مسكينا، أي تمليك ستين مسكينا أو فقيرا، كل واحد مد طعام من غالب قوت بلده.
وليس المراد أن يجعل ذلك طعاما ويطعمهم إياه، فلو غداهم أو عشاهم لم يكف.
ولا يجوز أن ينقص من عدد المساكين، ولا من ستين مدا.
ففي حديث أبي هريرة الذي تقدم:
فَأُتِي النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ. فَقَالَ: «تَصَدَّقْ بِهَذَا»
وَالْعَرَقُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مَا يَسْعُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا وَهِيَ سِتُّونَ مُدًّا لِسِتِّينَ مِسْكِينًا لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ.
قال الناظم:
وَبَعْدَ ذَا لَمْ يَسْقُطِ الوُجُوبُ
بِالعَجْزِ لَكِنْ يَسْقُطِ التَّرْتِيبُ


تقدم معنا أن الكفارة الواجبة بإفساد الصوم بالجماع على الترتيب، فيجب عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً.
فَلَو عجز عَن جَمِيع الْخِصَال الْمَذْكُورَة اسْتَقَرَّتْ الْكَفَّارَة فِي ذمَّته إلى أن يجد؛ لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر الْأَعرَابِي بِأَن يكفر بِمَا دَفعه إِلَيْهِ مَعَ إخْبَاره بعجزه فَدلَّ على أَنَّهَا ثَابِتَة فِي الذِّمَّة ثُمَّ إنْ قدر على خصْلَة مِنْهَا فعلهَا كَمَا لَو كَانَ قَادِرًا عَلَيْهَا وَقت الْوُجُوب فَإِن قدر على أَكثر رتب.
إشكال:
قول الناظم: (لكن يسقط الترتيب) سبب لي إشكالا.
فهل مقصود الناظم أن عجز المجامع عن العتق والصيام والإطعام لا يسقط عنه وجوب الكفارة ولكن يسقط عنه الترتيب بين خصال الكفارة، فيكون العاجز مخيرا في التكفير بأي خصلة منها.
وبعد البحث وجدت في كفاية النبيه لابن الرفعة ما نصه:
"وقد اقتضى كلام الشيخ أن الثابت في ذمته على القول به: الإطعام، والذي أورده القاضي الحسين والرافعي: أن ما قدر عليه من الخصال بعد ذلك، وجب عليه.
وكلام القاضي أبي الطيب يقتضي أنه عند العجز يكون مخيراً في الخصال الثلاث؛ لأنه قال في الجمع بين ما حكيناه دالاً على الترتيب، وما تمسك به الخصم على التخيير: إنا نحمل حديثهم على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الأعرابي لما كان عادماً الأنواع الثلاثة، وعندنا: أنه إذا كان عادماً لها، خيرناه في تحصيل أيها شاء".
قلت: فلعل هذا هو مقصود الناظم بسقوط الترتيب عن العاجز عن خصال الكفارة، أنه مخير في تحصيل إيها شاء.
وعلى العموم فالجمهور على "أن الْكَفَّارَةُ ثابتة في ذمة العاجز وَأَنَّهَا مُرَتَّبَةٌ فِي الذِّمَّةِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ثُمَّ إنْ قَدَرَ عَلَى خَصْلَةٍ فَعَلَهَا أَوْ أَكْثَرَ رَتَّبَ". (أسنى المطالب في شرح روض الطالب للأنصاري)
وفي تحفة المحتاج: (فَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْجَمِيعِ اسْتَقَرَّتْ) مُرَتَّبَةً (فِي ذِمَّتِهِ فِي الْأَظْهَرِ).
وفي حاشية الشرواني على التحفة: (قَوْلُهُ مُرَتَّبَةً) أَيْ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا بَيَّنَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
وأرجو من مشايخنا وطلبة العلم التصويب، والإيضاح لقول الناظم: (لكن يسقط الترتيب).
قال الناظم:
وَمَنْ يَمُتْ بِلاَ قَضَا إِنْ قَصَّرَا
كَانَ الوَلِيُّ بَعْدَهُ مُخَّيَّرَا



إِنْ شَاءَ صَامَ صَوْمَهُ أَوْ أَطْعَمَا
عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مُدَّ حَبٍّ قَدَّمَا


من مات وعليه قضاء صوم واجب:
إِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ صِيَامُ أَيَّامٍ مِنْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ قَضَاءٍ فَلَمْ يَصُمْهَا حَتَّى مَاتَ، فَلَهُ حَالَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَمُوتَ بَعْدَ إِمْكَانِ الْقَضَاءِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ إِمْكَانِ الْقَضَاءِ.
فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ تمكنه من قضاء الصوم كأن مات عقب رمضان واستمر به العذر إلى أن مات سَقَطَ عَنْهُ الصَّوْمُ وَلَا كَفَّارَةَ فِي مَالِهِ.
وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ إِمْكَانِ الْقَضَاءِ، فهو الذي عبر عنه الناظم بقوله:
وَمَنْ يَمُتْ بِلاَ قَضَا إِنْ قَصَّرَا
كَانَ الوَلِيُّ بَعْدَهُ مُخَّيَّرَا



إِنْ شَاءَ صَامَ صَوْمَهُ أَوْ أَطْعَمَا
عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مُدَّ حَبٍّ قُدِّمَا


يعني أن ولي الميت الذي مات بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْقَضَاءِ وَلَمْ يَقْضِ مخير بين شيئين:
الأول: الصيام عن الميت صومه الذي عليه لحَدِيثِ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
والثاني: الإطعام عن كل يوم فات الميت مد حب.
وَهذا هُوَ المذهب الْقَدِيمُ وهو المعتمد أَنَّهُ يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ أَنْ يَصُومَ عَنْهُ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ.
وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَوْ أَطْعَمَ عَنْهُ جَازَ، فَهُوَ عَلَى الْقَدِيمِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الصِّيَامِ وَالْإِطْعَامِ.
وقول الناظم: (مُدَّ حَبٍّ) يعني أطعم مدا من طعام يجزئ في الفطرة.
وقوله: (قُدِّمَا) قال الفشني: أي قدم بيانه في زكاة الفطر.
قال الناظم:
وَجَائِزٌ لِلشَّخْصِ فِي سِنِّ الكِبَرْ
تَرْكُ الصِّيَامِ إِنْ تَحَقَّقَ الضَّرَرْ

وَلاَ قَضَاءَ بَلْ تَعَيَّنَ الأَدَا
عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مُدُّ حَبٍّ لِلْفِدَا

يجوز للشيخ الكبير، والعجوز الكبيرة اللذان لا يقدران على الصوم الإفطار في رمضان إن كان تلحقهما بذلك المشقة الشديدة؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78]
ولا قضاء عليهما؛ لِأَنَّهُ لَيْسَتْ لَهُما حَالٌ يَصِيران إِلَيْهَا يَتَمَكَّنان فِيهَا مِنَ الْقَضَاءِ، بل يطعمان عن كل يوم مدًا من طعام فديةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: 184] فَإِنَّ كَلِمَةَ (لَا) مُقَدَّرَةٌ - أَيْ لَا يُطِيقُونَهُ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ يُطِيقُونَهُ حَالَ الشَّبَابِ ثُمَّ يَعْجِزُونَ عَنْهُ بَعْدَ الْكِبَرِ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ كَانَا يَقْرَآنِ: «وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ» بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ مَفْتُوحَةً، وَمَعْنَاهُ يُكَلَّفُونَ الصَّوْمَ فَلَا يُطِيقُونَهُ.
ومثل الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة في الحكم المريض مرضًا لا يرجى زواله، وأجهده الصوم.
وإن كان مرضًا يرجى زواله فسيأتي حكمه.
قال الناظم:
وَحَامِلٌ وَمُرْضِعٌ تَضَرَّرَتْ
بِصَوْمِهَا أَوْ ضُرِّ طِفْلٍ أَفْطَرَتْ


وَإِنْ يَكُنْ خَوْفًا عَلَى طِفْلٍ وَجَبْ
مَعَ القَضَا عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مُدُّ حَبْ


لَا يَخْلُو حَالُ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ فِي إِفْطَارِهِمَا مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ يُفْطِرَا لِخَوْفٍ وَحَاجَةٍ أَمْ لَا.
فَإِنْ أَفْطَرَتَا بِغَيْرِ خَوْفٍ عَلَيْهِمَا وَلَا عَلَى وَلَدِهِمَا وَلَا حَاجَةَ دَعَتْهُمَا إِلَى الْإِفْطَارِ مَاسَّةً فَحُكْمُهُمَا حُكْمُ الْمُفْطِرِ عَامِدًا فِي الْإِثْمِ وَالْمَعْصِيَةِ، وَوُجُوبِ الْقَضَاءِ.
وَإِنْ أَفْطَرَتَا لِخَوْفٍ فَذَلِكَ ضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: إنْ خَافَتَا مِنْ حُصُولِ ضَرَرٍ بِالصَّوْمِ كَالضَّرَرِ الْحَاصِلِ لِلْمَرِيضِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا لَا غَيْرَ أَوْ عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَوَلَدِهِمَا أَفْطَرَتَا وَقَضَتَا وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِمَا كَالْمَرِيضِ الْمَرْجُوِّ الْبُرْءِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: إن لم يخفا من الصوم الا على الولد وَحْدَهُ بِأَنْ تَخَافَ الْحَامِلُ مِنْ إسْقَاطِهِ أَوْ الْمُرْضِعُ بِأَنْ يَقِلَّ اللَّبَنُ فَيَهْلَكَ الْوَلَدُ فإنَّ الْفِطْرَ مُبَاحٌ لَهُمَا، فَإِذَا أَفْطَرَتَا وجب عليهما الْقَضَاء والْفدية عن كُلِّ يَوْمٍ.
ومقدار الفدية مُدٌّ مِنْ طعام.
والدليل ما روي عن ابن عباس، وابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وأرضاهم: أنهما قالا: (الحامل والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرتا، وأطعمتا مكان كل يوم مسكينًا). ولا يعرف لهما مخالف.
تنبيه:
يلْحق بالمرضع فِي إِيجَاب الْفِدْيَة مَعَ الْقَضَاء من أفطر لإنقاذ آدَمِيّ مَعْصُوم أَو حَيَوَان مُحْتَرم مشرف على الْهَلَاك بغرق أَو غَيره فَيجب عَلَيْهِ الْفطر إِذا لم يُمكنهُ تخليصه إِلَّا بفطره فَهُوَ فطر ارتفق بِهِ شخصان وَهُوَ حُصُول الْفطر للْمُضْطَر والخلاص لغيره فَلَو أفطر لتخليص مَال فَلَا فديَة لِأَنَّهُ لم يرتفق بِهِ إِلَّا شخص وَاحِد وَلَا يجب الْفطر لأَجله بل هُوَ جَائِز بِخِلَاف الْحَيَوَان الْمُحْتَرَم فَإِنَّهُ يرتفق بِالْفطرِ شخصان وَإِن نظر بَعضهم فِي الْبَهِيمَة لأَنهم نزلُوا الْحَيَوَان الْمُحْتَرَم فِي وجوب الدّفع عَنهُ منزلَة الْآدَمِيّ الْمَعْصُوم.
وَلَا يلْحق بالحامل والمرضع فِي لُزُوم الْفِدْيَة مَعَ الْقَضَاء الْمُتَعَدِّي بفطر رَمَضَان بِغَيْر جماع بل يلْزمه الْقَضَاء فَقَط.
قال الناظم:
وَفِطْرُ ذِي تَمَرُّضٍ وَذِي سَفَرْ
قَصْرٍ مُبَاحٌ وَالقَضَا لَمْ يُغْتَفَرْ


الْمَرِيض وَإِن تعدى بِسَبَبِهِ، وَالْمُسَافر سفرا طَويلا مُبَاحا يفطران ويقضيان لقَوْله تَعَالَى: ﴿فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو على سفر﴾ أَي فَأفْطر ﴿فَعدَّة من أَيَّام أخر﴾.
وَلَا بُد فِي فطر الْمَرِيض من مشقة تبيح لَهُ التَّيَمُّم فَإِن خَافَ على نَفسه الْهَلَاك أَو ذهَاب مَنْفَعَة عُضْو وَجب عَلَيْهِ الْفطر، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم﴾، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة﴾.
وإن كان مرضه مرضًا يسيرًا لا يشق معه الصوم، لم يجز له الإفطار؛ لأنه لا يخاف المشقة من الصوم، فلم يجز له الإفطار، كالصحيح.
ثمَّ إِن كَانَ الْمَرَض مطبقا فَلهُ ترك النِّيَّة، أَو متقطعا كَأَن كَانَ يحم وقتا دون وَقت، نظر: إِن كَانَ محموما وَقت الشُّرُوع جَازَ لَهُ ترك النِّيَّة، وَإِلَّا فَعَلَيهِ أَن يَنْوِي، فَإِن عَاد الْمَرَض وَاحْتَاجَ إِلَى الْإِفْطَار أفطر، وَلمن غلب عَلَيْهِ الْجُوع أَو الْعَطش حكم الْمَرِيض
وَأما الْمُسَافِر السّفر الْمَذْكُور فَيجوز لَهُ الْفطر وَإِن لم يتَضَرَّر بِهِ وَلَكِن الصَّوْم أفضل لما فِيهِ من بَرَاءَة الذِّمَّة وَعدم إخلاء الْوَقْت عَن الْعِبَادَة وَلِأَنَّهُ الْأَكْثَر من فعله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
أما إِذا تضرر بِهِ لنَحْو مرض أَو ألم يشق عَلَيْهِ احْتِمَاله فالفطر أفضل لما فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى رجلا صَائِما فِي السّفر قد ظلل عَلَيْهِ فَقَالَ: «لَيْسَ من الْبر أَن تَصُومُوا فِي السّفر».
نعم إِن خَافَ من الصَّوْم تلف نفس أَو عُضْو أَو مَنْفَعَة حرم عَلَيْهِ الصَّوْم كَمَا قَالَه الْغَزالِيّ فِي الْمُسْتَصْفى.
وَلَو لم يتَضَرَّر بِالصَّوْمِ فِي الْحَال وَلَكِن يخَاف الضعْف لَو صَامَ وَكَانَ سفر حج أَو غَزْو فالفطر أفضل كَمَا نَقله الرَّافِعِيّ فِي كتاب الصَّوْم عَن التَّتِمَّة وَأقرهُ.
واعلم أنه لا يجوز للمسافر أن يفطر إن طرأ السفر -بأن فارق العمران أو السور- بعد الفجر؛ تغليباً للحضر.
بخلاف الفطر بالمرض فيباح بحدوث المرض أثناء النهار؛ لوجوده من غير اختياره.
فإن سافر قبل الفجر، جاز له الفطر ولو بعد نية الصوم وإن نوى ليلاً، فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم أفطر بعد العصر في رمضان في سفر بقدح ماء لمّا قيل: إن الناس يشق عليهم الصوم، ولوجود سبب الترخيص.
وتجب نية الترخص عند الفطر على مسافر ومريض يرجى برؤه ومن غلبه نحو جوع كالحصادين ونحوهم.
قال الناظم:
وكُلُّ شَخْصٍ بِالقَضَا تَأَخَّرَا

حَتَّى أَتَى شَهْرُ الصِّيَامِ كَفَّرَا


وَعِدَّةُ الأَمْدَادِ كَالأَيَّامِ


وَكُرِّرَتْ تَكَرُّرَ الأَعْوَامِ


مَنْ أَخَّرَ قَضَاءَ رَمَضَانَ مَعَ إمْكَانِهِ حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ آخَرُ لَزِمَهُ مَعَ الْقَضَاءِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ لِأَنَّ سِتَّةً مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - قَالُوا بِذَلِكَ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ وَيَأْثَمُ بِهَذَا التَّأْخِيرِ، نعم إن جهل اَوْ نسى انْتَفَى الإثم لَا الْفِدْيَة.
فإنْ أخرَ رمضانينِ فمدانِ، وهكذا يتكررُ بتكررِ السنينَ؛ لِأَنَّ الْحُقُوقَ الْمَالِيَّةَ لَا تَتَدَاخَلُ.
وخلاصة ما تقدم في الْفِدْيَة الْوَاجِبَة بَدَلا عَن الصَّوْم، أنها تجب عَلَى:
1- من مَاتَ وَعَلِيهِ صَوْم رَمَضَان أَو غَيره وَتمكن من الْقَضَاء، ووليه مخير بين أن يفدي عنه أو يصوم عنه.
2- وَيجب الْمَدّ أَيْضا على من لَا يقدر على الصَّوْم لهرم أَو مرض لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ.
3- وعَلى الْحَامِل والمرضع إِذا أفطرتا خوفًا على الْوَلَد وحده.
4- وعَلى من أفطر لإنقاذ حَيَوَان مشرف على الْهَلَاك.
5- وعَلى من أخر الْقَضَاء إِلَى رَمَضَان آخر بِغَيْر عذر.
والفدية هي مد من غَالب قوت الْبَلَد، وَيصرف إِلَى الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين، ويجوز صرف أَمْدَاد الى شخص وَاحِد، وَالْمدّ الْوَاحِد لَا يجوز صرفه لاثْنَيْنِ.








باب الإعتكاف
وَالإِعْتِكَافُ سُنَّةٌ وَ لْيُعْتَبَرْ
وَلَيْسَ مِنْ شُرُوطِهِ الصِّيَامُ
وَلَبْثُهُ بِمَسْجِدٍ وَالنِّيَهْ
وَبِالجُنُونِ وَ الجِمَاعِ يَبْطُلُ
وَبِالخُرُوجِ يَبْطُلُ المَنْذُورُ
وُجُوبُهُ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ نَذَرْ
بَلْ شَرْطُهُ التَّمْيِيزُ وَالإِسْلاَمُ
وَلْيَنْوِ فِي مَنْذُورِهِ الفَرْضِيَّهْ
كَذَا بِحَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ يَحْصُلُ
لَكِنْ لِعُذْرٍ يَخْرُجُ المَعْذُورُ

تعريفه:
أصل الاعتكاف في اللغة اللبث والحبس وَالْمُلَازَمَةُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: الِاعْتِكَافُ لُزُومُ الْمَرْءِ شَيْئًا وَحَبْسُ نَفْسِهِ عَلَيْهِ بِرًّا كَانَ أَوْ إثْمًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: «مَا هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون) وَقَالَ تَعَالَى (فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى اصنام لهم﴾ وَقَالَ تَعَالَى فِي الْبِرِّ: ﴿وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكفون في المساجد﴾ وَسَمَّى الِاعْتِكَافَ الشَّرْعِيَّ اعْتِكَافًا لِمُلَازِمَةِ الْمَسْجِدِ
وَيُسَمَّى الِاعْتِكَافُ جِوَارًا وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ في البخاري «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْغِي إلَيَّ رَأْسَهُ وَهُوَ مُجَاوِرٌ فِي الْمَسْجِدِ فَأُرَجِّلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ»
وَالِاعْتِكَافُ فِي الشَّرْعِ هُوَ اللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ شخص مخصوص بنية.
وَرُوحُهُ عُكُوفُ الْقَلْبِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَجَمْعِيَّتُهُ عَلَيْهِ، وَالْفِكْرُ فِي تَحْصِيلِ مَرْضَاتِهِ وَمَا يُقَرِّبُ إلَيْهِ حَتَّى لَا يَصِيرَ أُنْسُهُ إلَّا بِاَللَّهِ تَعَالَى.
حكمه:
الاعتكاف سنة مؤكدة لما روى أبي بن كعب وعائشة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «كان يعتكف العشر الأواخر من شهر رمضان»، وفي حديث عائشة رضي الله عنها «فلم يزل يعتكف حتى مات».
ولا يجب إلا بالنذر لما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نذر أن يطيع الله تعالى فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه».
وَيسْتَحب فِي جَمِيع الْأَوْقَات وَهُوَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ لِطَلَبِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَيُحْيِيهَا بِالصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَكَثْرَةِ الدُّعَاءِ فَإِنَّهَا أَفْضَلُ لَيَالِيِ السَّنَةِ قَالَ تَعَالَى: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ [القدر: 3] أَيْ الْعَمَلُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» وَهِيَ مُنْحَصِرَةٌ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَأَنَّهَا تَلْزَمُ لَيْلَةً بِعَيْنِهَا.
وَقَالَ الْمُزَنِيّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ إنَّهَا مُنْتَقِلَةٌ فِي لَيَالِي الْعَشْرِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَاخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ.
قال الناظم:
وَلَيْسَ مِنْ شُرُوطِهِ الصِّيَامُ

بَلْ شَرْطُهُ التَّمْيِيزُ وَالإِسْلاَمُ




وَلَبْثُهُ بِمَسْجِدٍ وَ النِّيَهْ


وَلْيَنْوِ فِي مَنْذُورِهِ الفَرْضِيَّهْ




أركان الاعتكاف:
تقدم معنا أن الِاعْتِكَافُ فِي الشَّرْعِ هُوَ اللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ شخص مخصوص بنية.
وقد حوى التعريف أركان الاعتكاف الأربعة وَهي (مُعْتَكِفٌ وَمُعْتَكَفٌ فِيهِ وَلُبْثٌ وَنِيَّةٌ).
وقد ذكرها الناظم هنا.
وقوله: (وَلَيْسَ مِنْ شُرُوطِهِ الصِّيَامُ) يعني وليس الصيام شرطا للاعتكاف ولكن يستحب أن يعتكف وهو صائم؛ لـ: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعتكف العشر الأواخر من رمضان» فإن اعتكف بغير صوم، أو اعتكف بالليل، أو بالأيام التي لا يصح الصوم فيها صح اعتكافه، ودليل ذلك ما روى ابن عباس: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه» وروى ابن عمر: «أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نذر أن يعتكف ليلة في الجاهلية، فسأل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: "أوف بنذرك».
ولو كان الصوم شرطاً فيه لم يصح اعتكافه بالليل.
وقول الناظم: (بَلْ شَرْطُهُ) أَيْ رُكْنُهُ، فَمُرَادُهُ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ.
الركن الأول: الْمُعْتَكِفِ:
وقول الناظم: (التَّمْيِيزُ وَالإِسْلاَمُ) بدأ بذكر الركن الأول من أركان الاعتكاف وهو الْمُعْتَكِفِ، وشُرُوطُ الْمُعْتَكِفِ ثَلَاثَةٌ: (الْإِسْلَامُ) (وَالْعَقْلُ) وهذان الشرطان ذكرهما الناظم بقوله: (التَّمْيِيزُ وَالإِسْلاَمُ)، والشرط الثالث للمعتكف النَّقَاءُ عَنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ وَهُوَ الْجَنَابَةُ وَالْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ.
وهذه الشروط الثلاثة هي المقصودة من قولهم: (من شخص مخصوص) عندما قالوا في تعريف الاعتكاف: (هُوَ اللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ شخص مخصوص بنية).
فقولهم: (مِنْ شَخْصٍ مَخْصُوصٍ): أَيْ مُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ خَالٍ عَنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ.
فَلَا يَصِحُّ اعْتِكَافُ كَافِرٍ أَصْلِيٍّ وَلَا مُرْتَدٍّ، وَلَا اعْتِكَافُ زَائِلِ الْعَقْلِ بِجُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ سُكْرٍ، وَلَا صَبِيٍّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ؛ لِأَنَّهُ لَا نِيَّةَ لَهُمْ، وَشَرْطُ الِاعْتِكَافِ النِّيَّةُ، وَلَا يَصِحُّ اعْتِكَافُ حَائِضٍ وَلَا نُفَسَاءَ وَلَا جُنُبٍ ابْتِدَاءً لِأَنَّ مُكْثَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ مَعْصِيَةٌ.
وَيَصِحُّ اعْتِكَافُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ كما تصح منه الصلاة والصوم.
ولا يجوز للمرأة أن تعتكف بغير إذن زوجها؛ لأن استمتاعه بها في كل وقت ملك له، فلا يجوز تفويته عليه بغير إذنه.
ولا يجوز للعبد أن يعتكف بغير إذن مولاه، لأن منافعه ملك لمولاه، فلا يجوز تفويتها عليه بغير إذنه.
فَلَوْ خَالَفَا صَحَّ مَعَ التَّحْرِيمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الركن الثاني: اللبث:
اللبث بِقَدْرِ مَا يُسَمَّى عُكُوفًا أَيْ إقَامَةً، بِحَيْثُ يَكُونُ زَمَنُهَا فَوْقَ زَمَنِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الرُّكُوعِ( ) وَنَحْوِهِ فَلَا يَكْفِي قَدْرُهَا، وَلَا يَجِبُ السُّكُونُ، بَلْ يَصِحُّ اعْتِكَافُهُ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا أَوْ مُتَرَدِّدًا فِي أَطْرَافِ الْمَسْجِدِ.
الركن الثالث: المُعْتَكَفُ فِيهِ:
وشرطه المسجد، فَلَا يَصِحُّ فِي غَيْرِهِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ حَتَّى نِسَاءَهُ لَمْ يَعْتَكِفُوا إلَّا فِيهِ، وَلِلْإِجْمَاعِ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: 187]
ويصح الاعتكاف في جميع المساجد، وَالْجَامِعُ (وهو ما تقام فيه الجمعة والجماعة) أَوْلَى مِنْ بَقِيَّةِ الْمَسَاجِدِ لِكَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ، وَلِئَلَّا يَحْتَاجَ إلَى الْخُرُوجِ لِلْجُمُعَةِ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ، بَلْ قد يجب الاعتكاف في الجامع إن نذر مدة متتابعة تتخللها جمعة وهو من أهلها، ولم يشترط الخروج لها، لأن الخروج لها بلا شرط يقطع التتابع، لتقصيره بعدم شرطه، مع علمه بمجيء الجمعة.
وإذا نذر أن يعتكف في مسجد بعينه غير المساجد الثلاثة لم يتعين عليه ذلك المسجد، وجاز له الاعتكاف في غيره من المساجد؛ لأنه لا مزية لبعضها على بعض.
وَلَوْ عَيَّنَ النَّاذِرُ فِي نَذْرِهِ مَسْجِدَ مَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةَ أَوْ الْأَقْصَى تَعَيَّنَ فَلَا يَقُومُ غَيْرُهَا مَقَامَهَا لِمَزِيدِ فَضْلِهَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِي هَذَا، وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.
وَيَقُومُ مَسْجِدُ مَكَّةَ مَقَامَ الْآخَرَيْنِ لِمَزِيدِ فَضْلِهِ عَلَيْهِمَا، وَيَقُومُ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ مَقَامَ الْأَقْصَى لِمَزِيدِ فَضْلِهِ عَلَيْهِ.
ولا يصح اعتكاف المرأة إلا في المسجد، فإن اعتكفت في مسجد بيتها - وهو الذي جعلته لصلاتها من بيتها- لم يصح لأنه موضع يجوز للجنب اللبث فيه، فلم يصح الاعتكاف فيه، كالصحراء.
الركن الرابع: النية:
النية في ابْتِدَاء الاعتكاف فلا يصح الاعتكاف إلا بالنية؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنما الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى» كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ؛ ولِأَنَّهُ عِبَادَةٌ، سَوَاءٌ الْمَنْذُورُ وَغَيْرُهُ، تَعَيَّنَ زَمَانُهُ أَوْ لَا.
وقوله: (وَلْيَنْوِ فِي مَنْذُورِهِ الفَرْضِيَّهْ) معناه: وَلَكِنْ ليَنْوِ المعتكف وُجُوبًا فِي الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورَ الْفَرْضِيَّةَ لِيَتَمَيَّزَ عَنْ التَّطَوُّعِ، وَلَوْ نَوَى كَوْنَهُ عَنْ نَذْرِهِ أَجْزَأَهُ عَنْ ذِكْرِ الْفَرْضِ. فيقول: نويت فرض الاعتكاف، أو: الاعتكاف المنذور.
قال الناظم:
وَبِالجُنُونِ وَالجِمَاعِ يَبْطُلُ
كَذَا بِحَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ يَحْصُلُ


وَبِالخُرُوجِ يَبْطُلُ المَنْذُورُ


لَكِنْ لِعُذْرٍ يَخْرُجُ المَعْذُورُ




مبطلات الاعتكاف:
قبل الكلام عن مبطلات الاعتكاف، ننبه إلى أمر نحتاج لتذكره عند الحديث عن المبطلات وهو أن الاعتكاف قسمان: تطوع، وفرض إذا نذره.
والاعتكاف المنذور قسمان:
ما يجب فيه التتابع وذلك إذَا نَذَرَ مُدَّةً مُتَتَابِعَةً كَقَوْلِهِ: لِلَّهِ عَلَيَّ عَشْرَةُ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ، فيلَزمَهُ التَّتَابُعُ.
وما لا يجب فيه التتابع لَكِنْ يُسَنُّ وذلك إذَا لَمْ يُشْتَرَطُ التَّتابع.
وهنا يذكر الناظم من مبطلات الاعتكاف: الجنون، والجماع، الحيض والنفاس، والخروج من المعتكف، فلنذكرها على ترتيب الناظم:
1- الجنون: يبطل الاعتكاف بالجنون والإغماء إن طرأا بسبب تعديا به؛ لأنهما حينئذٍ كالسكر، فإن طرأا بلا تعد لم يقطعاه إن بقيا في المسجد، أو أخرجا منه؛ لعدم إمكان حفظهما فيه، أو لمشقته، لكن لا يحسب زمن الجنون، بخلاف الإغماء.
2- الجماع: وَيَبْطُلُ بِالْجِمَاعِ مِنْ عَالِمٍ بِتَحْرِيمِهِ ذَاكِرٍ لِلِاعْتِكَافِ سَوَاءٌ أَجَامَعَ فِي الْمَسْجِدِ أَمْ خَارِجَهُ عِنْدَ خُرُوجِهِ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ أَوْ نَحْوِهَا.
وَإِنَّمَا بَطَلَ بِالْجِمَاعِ لِأَنَّهُ تَعَالَى نَهَى عَنْهُ فِيهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي المَسَاجِدِ﴾ [البقرة: 187] الْآيَةَ.
وَالنَّهْيُ فِي الْعِبَادَةِ يَقْتَضِي الْفَسَادَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ جِمَاعَهُ فِي الْمَسْجِدِ حَرَامٌ مُطْلَقًا إذَا أَدَّى إلَى مُكْثٍ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ مُعْتَكِفًا أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ اعْتِكَافُهُ فَرْضًا أَمْ نَفْلًا.
وَأَمَّا إذَا جَامَعَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَكَانَ مُعْتَكِفًا فَإِنْ كَانَ الِاعْتِكَافُ مَنْذُورًا حَرُمَ، وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا لَمْ يَحْرُمْ إذْ غَايَتُهُ الْخُرُوجُ مِنْ الْعِبَادَةِ وَهُوَ جَائِزٌ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالْحُكْمُ بِالْبُطْلَانِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُسْتَقْبَلِ.
وَأَمَّا الْمَاضِي فَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَنْذُورًا مُتَتَابِعًا فَيُسْتَأْنَفُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَتَابِعًا لَمْ يَبْطُلْ مَا مَضَى، وَسَوَاءٌ أَكَانَ مَنْذُورًا أَمْ نَفْلًا.
والْمُبَاشَرَةَ بِشَهْوَةٍ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ كَلَمْسٍ وَقُبْلَةٍ تُبْطِلُ الِاعْتِكَافَ إنْ أَنْزَلَ، وَإِلَّا فَلَا تُبْطِلُهُ.
3- الحيض والنفاس: إذَا حَاضَتْ الْمُعْتَكِفَةُ فِي اعْتِكَافِهَا لَزِمَهَا الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ فَإِذَا خَرَجَتْ وَطَهُرَتْ فَإِنْ كَانَ اعْتِكَافُهَا تَطَوُّعًا وَأَرَادَتْ الْبِنَاءَ عَلَيْهِ بَنَتْ وَإِنْ كَانَ نَذْرًا غَيْرَ مُتَتَابِعٍ بَنَتْ وَإِنْ كَانَ متتابعا فَإِنْ كَانَ مُدَّةً لَا يُمْكِنُ حِفْظُهَا مِنْ الْحَيْضِ غَالِبًا بِأَنْ كَانَتْ تَزِيدُ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فِي الْحَيْضِ وَعَلَى تِسْعَةِ أَشْهُرٍ فِي النِّفَاسِ لِاحْتِمَالِ طُرُوِّهَا فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ لَمْ يُبْطِلْ التَّتَابُعَ بَلْ تَبْنِي عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ كَصَوْمِ شَهْرَيْ الْكَفَّارَةِ لِعُرُوضِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا وَإِنْ كَانَتْ مُدَّةً يُمْكِنُ حفظها مِنْ الْحَيْضِ كَخَمْسَةَ عَشْرَ فَمَا دُونَهَا انْقَطع لِأَنَّهَا بسبيل من أَن تشرع فِي الِاعْتِكَاف عقب طهرهَا مِنْهُ فتأتي بِهِ زمن الطُّهْر، وَالنّفاس كالحيض.
4- الخروج من المعتكف: إن خرج المعتكف من المسجد بغير عذر.. بطل اعتكافه؛ لأن الخروج ينافي الاعتكاف، فأبطله بغير عذر، كما لو أكل الصائم، فإن أخرج بعض بدنه لم يبطل اعتكافه؛ لما روت عائشة: أنها قالت: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا اعتكف أدنى إلي رأسه لأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان».
وإذا فعل المعتكف ما يبطله، من الإقامة في البيت بعد قضاء الحاجة، أو الخروج من المسجد لما لا يجوز له الخروج له، فإن كان اعتكافه تطوعا.. لم يبطل ما مضى منه، ولا يلزمه العود إليه؛ لأنه لا يلزمه بالدخول، ففي اعْتِكَاف التَّطَوُّعِ، لَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ مَتَى شَاءَ، وَالْعَوْدُ إِذَا شَاءَ. وإن كان منذورا، فإن لم يشترط التتابع فيه لم يبطل ما مضى، فإذا رجع بنى على الأول.
وإن شرط فيه التتابع بطل اعتكافه الأول، وكان عليه الاستئناف.
وقول الناظم: (لكن لعذر يخرج المعذور) تفصيله أنه:
إِذا نذر اعتكافاً مُتَتَابِعًا وشرط إن عرض له عارض، أو بدت له حاجة، كمرض أو غيره، أو عيادة مريض، أو شهود جنازة، خرج منه، صح نذره، فإذا عرض له ذلك جاز له الخروج له، فإذا قضى حاجته رجع، وبنى على اعتكافه؛ وذلك لأنه لا يلزمه بأصل الشرع، وإنما لزمه بنذره فجاز له الشرط فيه، كما لو أوجبه على نفسه متفرقا.
وَلَو شَرط الْخُرُوج للجماع لم يَصح نَذره.
ثمَّ إِذا صَحَّ نَذره فَلَيْسَ لَهُ الْخُرُوج إِلَّا لعذر وَهُوَ أَنْوَاع مِنْهَا:
الْخُرُوج لقَضَاء الْحَاجة وَالْمرَاد بهَا الْبَوْل وَالْغَائِط وَفِي مَعْنَاهُ الْغسْل من الِاحْتِلَام وَذَلِكَ لَا يضر قطعا.
وَمِنْهَا الْجُوع فَيجوز الْخُرُوج للْأَكْل على الأَصْل الْمَنْصُوص وَلَو عَطش فَإِن وجد المَاء فِي الْمَسْجِد فَلَيْسَ لَهُ الْخُرُوج وَالْفرق بَين الْأكل وَالشرب أَن الْأكل فِي الْجَامِع يستحيا مِنْهُ بِخِلَاف الشّرْب فَإِن لم يجده لَهُ الْخُرُوج.
وَاعْلَم أَنه لَا يشْتَرط فِي جَوَاز الْخُرُوج شدَّة الْحَاجة وَإِذا خرج لَا يُكَلف الْإِسْرَاع بل يمشي على مشيته الْمَعْهُودَة فَلَو تأنى أَكثر من عَادَته بَطل اعْتِكَافه على الْمَذْهَب.
وَلَا يجوز الْخُرُوج لعيادة الْمَرِيض وَلَا لصَلَاة الْجِنَازَة.
وَإِذا خرج لقَضَاء الْحَاجة فَلهُ أَن يتَوَضَّأ خَارج الْمَسْجِد لِأَن ذَلِك يَقع تبعا بِخِلَاف مَا لَو احْتَاجَ إِلَى الْوضُوء من غير قَضَاء الْحَاجة فَإِنَّهُ لَا يجوز الْخُرُوج على الْأَصَح إِذا أمكن الْوضُوء فِي الْمَسْجِد.
وَمن الْأَعْذَار مَا إِذا حَاضَت الْمَرْأَة يلْزمهَا الْخُرُوج.
وَمِنَ الْأَعْذَار الْمَرَض فَإِن كَانَ يشق مَعَه الْمقَام كحاجته إِلَى الْفراش وَالْخَادِم وَتردد الطَّبِيب فَيُبَاح لَهُ الْخُرُوج وَلَا يبطل بِهِ التَّتَابُع على الْأَظْهر وَكَذَا لَو خَافَ تلويث الْمَسْجِد كإدرار الْبَوْل والإسهال.
وأما الْمَرَض الْخَفِيف كالصداع والحمى الْخَفِيفَة فَلَا يجوز لَهُ الْخُرُوج بِسَبَب ذَلِك فَإِن خرج بَطل التَّتَابُع.
وَلَو خرج نَاسِيا أَو مكْرها لم يَنْقَطِع تتابعه على الْمَذْهَب.
وَمن أخرجه الظلمَة ظلما للمصادرة أَو غَيرهَا أَو خَافَ من ظَالِم فَخرج واستتر فكالمكره.
وَإِن خرج لحق وَجب عَلَيْهِ وَهُوَ مماطل بَطل لتَقْصِيره.
وَإِن حمل وَأخرج لم يبطل.
وَلَو دعِي لأَدَاء شَهَادَة فَإِن لم يتَعَيَّن عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا بَطل اعْتِكَافه سَوَاء كَانَ التَّحَمُّل مُتَعَيّنا أم لَا لحُصُول الِاسْتِغْنَاء عَنهُ وَإِن تعين عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا نظر إِن لم يتَعَيَّن التَّحَمُّل بَطل تتابعه على الْمَذْهَب وَإِن تعين فَوَجْهَانِ أصَحهمَا من زِيَادَة الرَّوْضَة لَا يبطل.
وَلَو خرج لصَلَاة الْجُمُعَة بَطل اعْتِكَافه على الْأَظْهر لِإِمْكَان الِاعْتِكَاف فِي الْجَامِع.
وَلَو خَافَ فَوَات الْحَج خرج إِلَيْهِ وَبَطل اعْتِكَافه.
فوائد في الاعتكاف:
1- إن نذر اعتكاف العشر الأواخر من شهر رمضان، أو أراد أن يعتكف ذلك من غير نذر.. فإنه يدخل فيها قبل غروب الشمس من يوم العشرين من الشهر بلحظة؛ ليستوفي العشر بيقين، لما روى أبو سعيد الخدري: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يعتكف العشر الأواسط من شهر رمضان، فلما كان عاماً أراد أن يعتكف العشر الأواخر، فصعد المنبر في الليلة التي كان يخرج فيها من اعتكافه، فخطب، وقال: "من أراد أن يعتكف العشر الأواخر معنا فليلبث في معتكفه» ولأن كل ليلة حكمها حكم اليوم الذي يليها.
إذا ثبت هذا: فإنه يخرج من اعتكافه بآخر جزء من الشهر، تاماً كان الشهر أو ناقصاً؛ لأن العشر اسم لما بين العشرين، وأول الشهر.
2- لا يكره للمعتكف لبس الرفيع من الثياب والطيب؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعتكف ولم يغير شيئاً من ملابسه) ، ولأنها عبادة لا يحرم فيها ترجيل الشعر، فلم يحرم فيها الطيب، كالصوم، وفيه احتراز من الحج.
3- ويجوز أن يتزوج ويزوج؛ لأنها عبادة لا يحرم فيها الطيب، فلم يحرم فيها النكاح، كالصوم.
4- ويستحب له دراسة العلم، وتعليمه، لأن القراءة وتدريس العلم قربة وطاعة، فاستحب للمعتكف، كالصلاة والذكر، وتعليم القرآن.
وذلك أفضل من صلاة النافلة.
5- ويجوز أن يتحدث بما ليس فيه فحش ومعصية؛ لما روي «عن صفية بنت حيي بن أخطب: أنها قالت: أتيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو معتكف في المسجد لأزوره، فقعد معي، وتحدثنا، فلما قمت قام معي ليقلبني إلى أهلي، فرآه رجلان من الأنصار، فأسرعا، فصاح رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقال «هذه صفية زوجتي»، فقالا: سبحان الله! يا رسول الله، فقال: «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم في عروقه، فخشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا».

المصدر...

 
آخر مواضيعي

التوقيع


تابع كل جديد يوميا على صفحة رفعنا على ارشيف هنا
https://archive.org/details/@rabieaa...B5%D8%AD%D9%81
وهنا اكثر التحميلات في حساباتنا القديمة
https://archive.org/details/@_2018?sort=-week
وهنا
https://archive.org/details/@yolyo20...com?sort=-week
وهنا صفحة البحث في ارشيف عن اي مصحف اكتب ما تريد في الخانة الثانية ثم انتر
https://archive.org/advancedsearch.php


ثانيا


لاي طلب او استفسار
هنا الاميل

alfirdwsiy1433@ymail.com



اقدم لكم هدايا ذهبية


اكسب ملايين الحسنات بسبب التويتر ___اضغط بسرررررعة




____________
___________________

بشرى و مفاجاة ____1


هنا ربع مليون صفحة تقريبا تزيد 100 الف كل عام ان شاء الله تجدهم على حسابين



هنا الحساب الاول

الاحدث

https://archive.org/details/@yolyo20...rt=-publicdate

الاكثر تحميلا

https://archive.org/details/@yolyo20...ort=-downloads
_________________
_____________

هنا الحساب الثاني

الاحدث

https://archive.org/details/@_2018?sort=-publicdate

الاكثر تحميلا

https://archive.org/details/@_2018?sort=-downloads

____________________________
_________________________________________

وهنا الاكثر تحميلا للمصاحف في حساباتنا القديمة

https://archive.org/search.php?query...ort=-downloads

______

________

_____







بشرى و مفاجاة ____2

صدر حديثا على موقع ارشيف تقنية تمكنك عند السماع اونلاين لاي مصحف او اي صوتيات
يمكنك 2 ميزة

الميزة الاولى___ستجد رسمة الساعة اعلى الصفحة على اليمين__هذه الرسمة لتسريع الصوت
فيمكنك تسريع الصوت لاي مصحف بمقايييس مختلفة للسرعة للسماع حدر اونلاين لاي مصحف
وقبل ان اذكر لك الميزة الثانية اليك الرابط
هنا آلاف المصاحف مرفوعة على ارشيف مع الترتيب للاحدث فتابع الجديد يوميا هنا
https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate

____الميزة الثانية ____رسمة البطة___ستجدها اعلى الصفحة على اليمين ايضا بجوار سور المصحف الصوتية في جدول السماع

اذا ضغطت على رسمة البطة ستحول الشكل الى مشغل صوتيات مع خاصية الكوليزر الرهيبة للسماع اونلاين
بجودة صوت خيالية مع تغيير الكوليزر حسب ذوقك في الاستماع للحصول على صدى صوت وتقنيات رهيبة


_________________

_____________________


_______________________


_______________________________________






وهنا سلسلة مصاحف موقع طريق الإسلام



_الان تم رفعها على ارشيف لتكون برابط


واحد فقط صاروخي


هنا تجد كل المصاحف على ارشيف مع الترتيب للاحدث

https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate










عندما تفتح لك نتائج البحث اضغط على عنوان اي مصحف

وبعد ان تفتح لك صفحة المصحف ستجد جدول للسماع اونلاين

وتحت السماع على اليمين ستجد كلمتين

كلمة VBR MP3 __اضغط عليها كليك يمين لتحميل كل المصحف برابط واحد

ستفتح لك اختيارات اختار SAVE LINK AS ____ او ___التحميل بواسطة داونلود مانجر اذا كنت مسطبه





___اما اذا اردت التحميل المنفرد سورة سورة ستجد كلمة اخرى وهي SHOW ALL

اضغط عليها كليك يسار ستفتح لك صفحة فيها كل السور

اضغط على رقم اي سورة لتحميلها واختار صيغة ام بي ثري


وهنا الموقع الاصلي لكل المصاحف ولكن التحميل منه منفرد سورة سورة
https://ar.islamway.net/recitations










___________________________
وهنا لاول مرة____100 مصحف مصور معلم صوت و كتابة___مع الترتيب للاحدث__فتابع كل جديد يوميا هناااااأأأ


https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate
__________________________________________________ ______________
_



وهنا الاف الكتب قراءة اونلاين و تحميل صاروخي مع الترتيب للاحدث ---- تابع كل لحظة

https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate






ونحن نجدد كل الروابط قريبا ان شاء الله نكملها كلها

من وجد اي رابط لا يعمل او اراد اي مادة صوتية او مرئية
فعليه ان يضغط على رابط المزيد ---في اي موضوع من مواضيعي

وووووووووو عليه ان يتعلم كيفية البحث في موقع ارشيف
وهنا الشرح اضغط هنا بسرررررررعة
https://archive.org/details/archive--__search

واليكم المفاجاة الذهبية من اهم الهدايا

هنا برنامج ايات الرهيب مصحف معلم صوت و صورة لكل القراء

مع معظم تفاسير القران مع مصحف مكتوب بجودة خيالية طبعة المدينة بتشكيل حفص و نسخة التجويد و بتشكيل رواية ورش

مع الشرح بالتفصيل

لللبرنامج كل هذا بحجم 120 ميجا اضغط هنا للشرح التفصيلي

وهنا التحميل اضغط بسرررررعة
https://archive.org/details/Ayat--1__2016



واليكم المفاجاة العملاقة الثانية

برنامج كلام الله

اصدار جديد --1--2016

برنامج معلم الكتروني صوت و صورة

فيه مزايا رهيبة خيالية لا تصدق
هنا الشرح التفصيلي الواضح اضغط هنا بسرعة
وهنا التحميل الصاروخي برابط واحد اضغط هنا بسررعة
https://archive.org/details/klam--__allah__1__2016


اليكم ايضا الهدية العملاقة الثالثة

مصاحف القران مكتوبة

يصيغة الباوربوينت الرهيبة

خمس مصاحف هنا
اضغط بسرررررعة
https://archive.org/details/powerpoint--__2016






-------------------------








وهنا البحث في موقع ارشيف العملاق بحث عادي و بحث متقدم عن اي مصحف او عن اي صوتيات و مرئيات سماع اونلاين و تحميل صاروخي هنا

https://archive.org/advancedsearch.php?



وهنا الاف المصاحف متجددة مع الترتيب للاحدث تابعوا هنا

https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate


وهنا الترتيب تبعاا للاكثر تحميلا

https://archive.org/search.php?query...ort=-downloads




____________________________


ملحوظة هامة جداااااااااااااااااا

هذا رابط البحث في موقع ارشيف اذا اردت ان تيحث عن اي شيء

https://archive.org/advancedsearch.php


ستجد الخانة الثانية مكتوب فيها على اليسار كلمة
title
وامامها على اليمين مستطيل خالي

اكتب في المستطيل الخالي امام كلمة تيتل -----اكتب فيه اي شيء
ثم انتر او ثم اضغط على كلمة
search
اسفل الجدول الاول
وكلمة تيتل معناها العنوان --بعكس الخانة الاولى
any field
يعني اي مكان لكن لو كتبت امامها سيظهر لي نتائج كثيرة غير دقيقة
لكن الكتابة بجوار التتل افضل لكي يكون بحث اكثر دقة فانا مثلا ابحث عن مصحف العجمي
اكتب امام التتل كلمة العجمي
واذا اردت الملفات المبرمجة لبرنامج كلام الله
فاكتب في خانة البحث امام التتل كلمة---برنامج كلام الله ---ثم اكتب بجوارها اسم اي قارئ
واذا اردت اي مصحف مقسم صفحات او ايات
فاكتب في خانة البحث اسم اي قارئ و بجواره صفحات او ايات
حسب ما تريد
ولاحظ ان كتابة الكلمة حساسة
فحاول تجرب كل الاقتراحات يعني مثلا
مرة ابحث عن العجمي بالياء ---ومرة ابحث عن العجمى هكذا بدون نقط الياء
لان صاحب المصحف الذي رفعه لو كتبه بالياء اذن انا لازم اكتب في بحثي نقط الياء
لان موقع ارشيف دقيق في كتابة كلمة البحث بعكس جوجل الذي لا يدقق في كتابة كلمة البحث



لمزيد من الشرح العملاق عن موقع ارشيف وكل خصائصه

هنا فيديو و كتابة

هنااااااااااااااااااااااا__________ااااااااااااااا
https://archive.org/details/Arch1251252455415255215



__________________________________________________ _____

هدايا ---اخرى هامة 15 هدية

الاولى كيف تحفظ القران بخاصية التكرار مع برنامج الريال بلاير الرهيب وتوضيح مزاياه الرهيبة مع تحميل القران مقسم ل ايات و سور و ارباع و اجزاء و احزاب و اثمان و صفحات مصحف مرتل و معلم و مجود
مع توضيح كيف تبحث في موقع ارشيف عن كل ذالك


والثانية
خطا شائع عند كثير من الناس في قراءة حفص بل في كل القراءات العشر
تسكين الباء في كلمة السبع في قوله تعالى ( وما اكل السبع ) سورة المائدة الاية 3
والصحيح ضمها لان المراد بها هنا حيوان السيع بخلاف السبع المراد بها العدد سبعة فان الباء تسكن كما في سورة المؤمنون الاية 86
- قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم - ولا تنسى قراءاة كتاب اسمه الاخطاء الشائعة في قراءة حفص وهذا رابطه لتحميله
https://archive.org/download/akhtaaa...ng-of-hafs/pdf



واسمع اليها في تلاوة عندليب الاسكندرية الخاشع الشيخ شعبان محمود عبد الله السورة رقم 5 المائدة في الاية رقم 3 والسورة رقم 23 المؤمنون
حيث يقف الشيخ على كلمة السبع في سورة المائدة لتوضيح ضم الباء

https://archive.org/details/64--kb-s...n--114/005.mp3




والهدية الثالثة

لاول مرة من شرائي ومن رفعي
رابط ل صفحة ارشيف تجد في اعلاها
مصحف الحصري معلم
تسجيلات الاذاعة
نسخة صوت القاهرة
النسخة الاصلية الشرعية
لانا معنا اذن من شركة صوت القاهرة بنشر كل مصاحفها بعد شرائه وتجد في نفس الصفحة كيفية الحصول على مصاحف اخرى نسخة صوت القاهرة



وحين تفتح لك الصفحة اقرا فيها كيفية الحصول على كل مصاحف صوت القاهرةبجودة رهيبة لا تصدق سي دي اوديو معدل الجودة 1411 ك ب
وايضا بجودة رهيبة ام بي ثري معدل الجودة 128 كيلو بايت

ايضا تجد في نفس الصفحة
رابط ل ملف مضغوط zip فيه روابط ل 696 مصحف مقسمين الى روابط تورنت ومباشرة وجودة فلاك مع الشرح كيف تكفر عن ذنوبك وتكسب ملايين الحسنات عن طريق التورنت
مع برنامج تورنت سريع وشرح كيفية عمله
مع هدايا اخرى ومفاجات
والهدية الرابعة

اسطوانة المنشاوي المعلم صوت و صورة نسخة جديدة 2013 نسخة اصلية من شركة رؤية مع مجموعة قيمة جدا من الاسطوانات التي تزيد يوما بعد يوم على نفس الصفحة


والهدية الخامسة

مصحف المنشاوي المعلم فيديو من قناة سمسم الفضائية

والهدية السادسة


مصحف المنشاوي المعلم صوتي النسخة الاصلية بجودة رهيبة 128 ك ب

والهدية السابعة

مصحف القران صوتي لاجمل الاصوات مقسم الى ايات و صفحات و ارباع و اجزاء و اثمان و سور كل مصحف برابط واحد صاروخي يستكمل التحميل



الهدية الثامنة

من باب الدال على الخير كفاعله انشروا الخير في كل مكان وهنا تجد كل روابط ارشيف




هنا البحث في موقع ارشيف العملاق بحث عادي و بحث متقدم عن اي مصحف او عن اي صوتيات و مرئيات سماع اونلاين و تحميل صاروخي هنا

https://archive.org/advancedsearch.php?



وهنا الاف المصاحف متجددة مع الترتيب للاحدث تابعوا هنا

https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate


وهنا الترتيب تبعاا للاكثر تحميلا

https://archive.org/search.php?query...ort=-downloads



والهدية التاسعة


جميع ختمات قناة المجد المرئية بجودة خيالية صوت و كتابة مصحف القران مقسم اجزاء و احزاب اون لاين مباشر


الهدية العاشرة

اون لاين مباشر جميع تلاوات القران الخاشعة المبكية فيديو

الهدية 11

اون لاين مباشر جميع تلاوات القران الخاشعة المبكية اوديو



الهدية 12

جميع مصاحف الموبايل الجوال - القران كاملا بحجم صغير جدا و صوت نقي

الهدية13

برنامج الموبايل و الجوال صوت و كتابة لكل الاجهزة الجيل الثاني و الثالث و الخامس


الهدية14

الموسوعة الصوتية لاجمل السلاسل والاناشيد والدروس و الخطب لمعظم العلماء


الهدية 15

الموسوعة المرئية لاجمل الدروس و الخطب


الهدية 16



____________
نكمل كلامنا عن اهم مواقع المصاحف المنتشرة على النت


____

هنا مصاحف موقع قراء جدة برابط واحد صاروخي



هنا مرفوعة على موقع ارشيف مع الترتيب للاحدث فتابع هنا

https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate





________________________
وهنا الموقع الاصلي كل القراء

http://www.quran-jed.net/index.php









___________________________










___________






وهنا كل مصاحف موقع روائع التلاوات برابط واحد صاروخي



هنا مرفوعة على موقع ارشيف مع الترتيب للاحدث فتابع هنا

https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate




وهنا الموقع الاصلي كل القراء

http://rawae.net/quraa









___________________________




_________________________

وهنا سلسلة مصاحف موقع مداد



هنا على ارشيف مع التريب للاحدث




https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate


__________________________________________________
وهنا الموقع الاصلي موقع مداد

ولكن التحميل منه منفرد سورة سورة

مع الترتيب للاحدث




http://midad.com/recitations/new






_____________________


_____________________________________








___________________

_____________



وهنا كل مصاحف موقع شروق الاسلام برابط واحد صاروخي



هنا مرفوعة على موقع ارشيف مع الترتيب للاحدث فتابع هنا

https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate

وهناااا
https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate



________________________
وهنا الموقع الاصلي مع الترتيب للاحدث


http://islamrise.com/Quranic_Recordings






___________________________




وهنا كل مصاحف موقع نداء الاسلام برابط واحد صاروخي



هنا مرفوعة على موقع ارشيف مع الترتيب للاحدث فتابع هنا

https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate


________________________
وهنا الموقع الاصلي مع الترتيب للاحدث

http://islam-call.com/quran?complete...A8%D8%AD%D8%AB



__________________________________




وهنا كل مصاحف موقع القران ام بي ثري برابط واحد صاروخي



هنا مرفوعة على موقع ارشيف مع الترتيب للاحدث فتابع هنا

https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate


________________________
وهنا الموقع الاصلي مع الترتيب للاحدث

http://www.mp3quran.net/







______________




________________






وهنا كل مصاحف موقع إسلام ويب برابط واحد صاروخي



هنا مرفوعة على موقع ارشيف مع الترتيب للاحدث فتابع هنا

https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate


________________________
وهنا الموقع الاصلي مع الترتيب للاحدث

http://audio.islamweb.net/audio/inde...page=qareelast




____________________



وهنا كل مصاحف موقع دار القران



جميع الاصوات المغربية الخاشعة برابط واحد صاروخي



هنا مرفوعة على موقع ارشيف مع الترتيب للاحدث فتابع هنا

https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate


________________________
وهنا الموقع الاصلي ولكن التحميل منفرد سورة سورة

لكل القراء المغاربة

http://darcoran.net/?taraf=Masmou3a&sinf=1
________________________







___________________________




___________________________-






وهنا كل المصاحف المصورة مع الترتيب للاحدث

https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate





__________________________________








______________________________











ملحوظة هامة جداااااااااااااااااا

هذا رابط البحث في موقع ارشيف اذا اردت ان تيحث عن اي شيء

https://archive.org/advancedsearch.php


ستجد الخانة الثانية مكتوب فيها على اليسار كلمة
title
وامامها على اليمين مستطيل خالي

اكتب في المستطيل الخالي امام كلمة تيتل -----اكتب فيه اي شيء
ثم انتر او ثم اضغط على كلمة
search
اسفل الجدول الاول
وكلمة تيتل معناها العنوان --بعكس الخانة الاولى
any field
يعني اي مكان لكن لو كتبت امامها سيظهر لي نتائج كثيرة غير دقيقة
لكن الكتابة بجوار التتل افضل لكي يكون بحث اكثر دقة فانا مثلا ابحث عن مصحف العجمي
اكتب امام التتل كلمة العجمي
واذا اردت الملفات المبرمجة لبرنامج كلام الله
فاكتب في خانة البحث امام التتل كلمة---برنامج كلام الله ---ثم اكتب بجوارها اسم اي قارئ
واذا اردت اي مصحف مقسم صفحات او ايات
فاكتب في خانة البحث اسم اي قارئ و بجواره صفحات او ايات
حسب ما تريد
ولاحظ ان كتابة الكلمة حساسة
فحاول تجرب كل الاقتراحات يعني مثلا
مرة ابحث عن العجمي بالياء ---ومرة ابحث عن العجمى هكذا بدون نقط الياء
لان صاحب المصحف الذي رفعه لو كتبه بالياء اذن انا لازم اكتب في بحثي نقط الياء
لان موقع ارشيف دقيق في كتابة كلمة البحث بعكس جوجل الذي لا يدقق في كتابة كلمة البحث




لمزيد من الشرح العملاق عن موقع ارشيف وكل خصائصه

هنا فيديو و كتابة

هنااااااااااااااااااااااا__________ااااااااااااااا

https://archive.org/details/Arch1251252455415255215

رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
لا يوجد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا هي لكل مسلمة محبة لدينها وأمتها وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ، غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطاً بميزان الشرع المطهر
.
الساعة الآن 05:40 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. MTWER
 
         
sitemap
:: الإعلانات النصية ::
منتديات نور الإسلام ملتقى أحباب الله منتديات الدفاع عن الصحابة أحباب الله منتديات ربيع الفردوس الاعلى
منتديات فنزر الاسلامية