يَعجبُ من تفقَّه في الإسلام، وعرف أنه دين الحياة بمعناها الفردي والاجتماعي، حين يرى من يحاولون - بأعمالهم وأقوالهم - أن يجعلوه صلةً بين المرء وربه فحسب، لا يستقيم للعاقل معناها، فلا يكون على المرء جُناحٌ بنظر هؤلاء، إن لم يعبأ بالدين، ما دامت أخلاقه الشخصية لنفسه وحده، وما يجب أن تحاسبه الهيئة الاجتماعية عليه، هو الواجب الاجتماعي دون غيره.
وقد أدت هذه (النظرية) الخرقاء إلى أن أصبحنا نجد الراعي - وكل امرئٍ راعٍ - يتهاون بما هو مسؤول عنه، وقد يجهر بتعدي حدود الله، فتتبعه رعيته، فتسير على ما سار من غير ترسم وتصير إلى ما صار إليه وقد زينت الذلة بالمغريات، وحفت الهلكة بالشهوات، فقل للفَراش: إن ما تجدنه نوراً هو لكُنّ نار، فرويدكن إن أبيتنَّ حتفكن.
ما عرف الإسلام تقسيم (الواجبات) - كما يفهمون - إلى شخصية واجتماعية ودينية، فلم يجعل بين كل منها والآخر سداً. وإذا وقفت على مفارق فلسفته الخلقية، وجدتها تتجه إلى سنن متحابَّة كلآلئ العقد الثمين، لتجعل ذويها إنْ في المسجد أو البيت أو الطريق؛ مثلاً عُليا، في كرم النفوس، وبعد الهمم، وشرف الغايات، وجليل الفعال، ليس بالوهم والخيال، بل بما تحققه الأعمال الصالحة، وتلك آثار أبنائها تدل عليهم وعليها.
ولا تكون الأخلاق كذلك، إلا إذا كانت شاملة كل ما يكفل النجاح لصاحبها في أي ناحية من نواحي حياته، بحيث لا يتقدم بدفع بعضها ويتأخر برجع بعض، ولا يعرض له شأن من الشؤون مع نفسه أو إخوانه أو الله سبحانه؛ إلا تخلَّص منه إلى الخير لنفسه وللناس، وكان الله تعالى راضياً عنه.
ولهذه النظرة البعيدة جعلت الأخلاقُ الإسلامية، نفس المؤمن عزيزة تصعد في معارج السمو ما شاءت أن تصعد، حتى إذا شاءت أن تسف للأمر الدنيّ؛ كان زمامها إرادة صلبة تغذوها الطاعة لله، فلا تلبث أن تصعد كالمنطاد إلى ما كانت عليه، ثم توغل في أعماق السمو، فتسمو وتسمو...
وكذلك جعلَتِ الأخلاقُ عقلَ الرجل حراً لا يوقن إلا بالحقائق، ولا ينقاد إلا إليها، فلا يجده الإكراه، ولا الأوهام، ولا التقليد، إلا صلباً لا تلين قناته، ولا يحلو مذاقه، فيبقى مفكراً في خلواته وغدواته وروحاته.
وجعلت الجسد يخدم النفس والعقل وقد أرادتهما سليمين، ويقوى على إذلال الباطل وهو جندي الحق الذي يجب أن تكون له الغلبة كلما دعاه الواجب إلى الدفاع والهجوم.
فإذا أنهت الأخلاق عملها في الإنسان، عادت فوصلت ما انتهت منه بالجماعة (وما الجماعة إلا بأفرادها) فكان العلم، والحق، والعدل، والإخلاص، والإخاء، والتعاون، والنصر، والسلام.... وكان ما جعلته حقاً، وما جعلته واجباً للمرء أو عليه، مع ربه، أو مع نفسه، أو مع الناس؛ ديناً على السواء!.
لا تحسب أن بضاعة الألفاظ ترسم لي ولك، صوراً يمليها الخيال، فعد إن أردت مصداق ما أقول، إلى ما كنت تظنه واجباً شخصياً كالنظافة مثلاً، واعرضه على مقياس الواجب الإسلامي؛ تجده واجباً دينياً، واذهب إلى ما كنت تظنه واجباً دينياً صرفاً، لا صلة له بغيره كالصلاة مثلاً؛ ترَه يمد شخصك (والهيئة الاجتماعية) بالقوى العديدة فيكون شخصياً واجتماعياً، وافحص هذا بالتعاون مثلاً تلقه واجباً دينياً، وشخصياً أيضاً بالنسبة لما يؤول إليه. وهذه الواجبات كلها يعدها ديناً خاتم المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم، القائل: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) لذلك تجد في سيرته الشريفة، مودة للروح والجسد، للفرد والجماعة، للحاضر والمستقبل. ذلك لأن مكارم أخلاقه مكارم للحياة، ومآثر للعالم، وسنن للدهر.
فاسمع قوله صلى الله عليه وسلم (يأيها الناس إن منكم منفرين، فأيكم أم بالناس فليوجز، فإن من ورائكم الكبير والصغير وذا الحاجة).. ونصحه لعبد الله بن عمرو بن العاص - وقد بلغه أنه يصوم الدهر ويقوم الليل -: (يا عبد الله! ألم أخبر أنك تصوم النهار، وتقوم الليل؟) قال عمرو: فقلت بلى يا رسول الله. قال: (فلا تفعل، صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقاً، وإن لزوجك عليك حقاً، وإن لزورك[1] عليك حقاً، وإن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها، فإن ذلك صيام الدهر كله). قال عمرو: فشددت، فشدد علي، قلت: يا رسول الله، فإني أجد قوة. قال: (فصم صيام نبي الله داود، ولا تزد). قلت وما كان صيام نبي الله داود عليه السلام؟ قال رسول الله: (نصف الدهر) وكان عبد الله بن عمرو بعد أن كبر يقول: ليتني قبلت رخصة النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذلك رأى عليه الصلاة والسلام هرماً يمشي بين ولديه، فسأل عنه، فقيل له: إنه نذر أن يحج ماشياً. فقال: (إن الله غني عن تعذيب هذا نفسه) وأمر أن يحمل على بعير.
وهكذا كان صلى الله عليه وسلم، يكره أن يرهق الناس في دينهم عسراً، وهو المنـزل عليه آيات ربه سبحانه، التي تكرّم حسنتي الدنيا والآخرة، القائلة: ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾ [القصص: 77] ﴿ وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ﴾ [النحل: 30]، ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]، ﴿ وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 41] ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [الأعراف: 32] ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ ﴾ [المائدة: 87، 88] وغير ذلك من الآيات الكريمة التي تؤيد معنى قوله تعالى ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [البقرة: 185] ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [الحج: 78] بشتى الوجوه والمناسبات. ولذلك جعلت الشريعة السمحة الأخذ بالرخص، وعليه بني التخفيف عن المرضى، وإباحة المحظورات عند الضرورات إلى غير ذلك مما يطول شرحه.
ومن لطيف ما يذكر في هذا المعنى عن الآخذين به، أن أبا عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنه، لما فتح أنطاكية صلحاً، كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، يستأذنه بالإقامة في غيرها، مخافة أن يخلد جيشه إلى الراحة، في بلد رق هواؤها، فكان من جوابه: (وأما قولك إنك لم تقم بأنطاكية لطيب هوائها، فالله عز وجل، لم يحرم الطيبات على المتقين الذين يعملون الصالحات، قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [المؤمنون: 51]. وكان يجب عليك أن تريح الجند من تعبهم وتدعهم يرغدون في مطمعهم ويريحون الأبدان من نصبها، أنت الشاهد وأنا الغائب).
وبعد، فإن بقي الناس سائرين على الأخلاق الناقصة، لا يؤدون في الديوان والطريق والمدرسة والبيت، ما يظنون أنه للمساجد فحسب، مما أوجبه الله تعالى، ليصلح به الفرد، فتصلح به جماعته وليسعد فتسعد، وبقي الدين ورث مريضاً من الآباء، ويؤخذ معوجاً من الدهماء، لا يصدع بأمره من عرفه بأناة ونظام وإحكام؛ فما أكثر العثرات أمام من يحادّون النور في الليل البهيم، وقد يقع الرمي وهو غافل في سمائه عن السهم المُراش: ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [القصص: 50].
مجلة التمدن الإسلامي، السنة 4، العدد 4 (1357هـ - 1358هـ / 1938م)
صدر حديثا على موقع ارشيف تقنية تمكنك عند السماع اونلاين لاي مصحف او اي صوتيات
يمكنك 2 ميزة
الميزة الاولى___ستجد رسمة الساعة اعلى الصفحة على اليمين__هذه الرسمة لتسريع الصوت
فيمكنك تسريع الصوت لاي مصحف بمقايييس مختلفة للسرعة للسماع حدر اونلاين لاي مصحف
وقبل ان اذكر لك الميزة الثانية اليك الرابط
هنا آلاف المصاحف مرفوعة على ارشيف مع الترتيب للاحدث فتابع الجديد يوميا هنا https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate
____الميزة الثانية ____رسمة البطة___ستجدها اعلى الصفحة على اليمين ايضا بجوار سور المصحف الصوتية في جدول السماع
اذا ضغطت على رسمة البطة ستحول الشكل الى مشغل صوتيات مع خاصية الكوليزر الرهيبة للسماع اونلاين
بجودة صوت خيالية مع تغيير الكوليزر حسب ذوقك في الاستماع للحصول على صدى صوت وتقنيات رهيبة
ستجد الخانة الثانية مكتوب فيها على اليسار كلمة
title
وامامها على اليمين مستطيل خالي
اكتب في المستطيل الخالي امام كلمة تيتل -----اكتب فيه اي شيء
ثم انتر او ثم اضغط على كلمة
search
اسفل الجدول الاول
وكلمة تيتل معناها العنوان --بعكس الخانة الاولى
any field
يعني اي مكان لكن لو كتبت امامها سيظهر لي نتائج كثيرة غير دقيقة
لكن الكتابة بجوار التتل افضل لكي يكون بحث اكثر دقة فانا مثلا ابحث عن مصحف العجمي
اكتب امام التتل كلمة العجمي
واذا اردت الملفات المبرمجة لبرنامج كلام الله
فاكتب في خانة البحث امام التتل كلمة---برنامج كلام الله ---ثم اكتب بجوارها اسم اي قارئ
واذا اردت اي مصحف مقسم صفحات او ايات
فاكتب في خانة البحث اسم اي قارئ و بجواره صفحات او ايات
حسب ما تريد
ولاحظ ان كتابة الكلمة حساسة
فحاول تجرب كل الاقتراحات يعني مثلا
مرة ابحث عن العجمي بالياء ---ومرة ابحث عن العجمى هكذا بدون نقط الياء
لان صاحب المصحف الذي رفعه لو كتبه بالياء اذن انا لازم اكتب في بحثي نقط الياء
لان موقع ارشيف دقيق في كتابة كلمة البحث بعكس جوجل الذي لا يدقق في كتابة كلمة البحث
والثانية
خطا شائع عند كثير من الناس في قراءة حفص بل في كل القراءات العشر
تسكين الباء في كلمة السبع في قوله تعالى ( وما اكل السبع ) سورة المائدة الاية 3
والصحيح ضمها لان المراد بها هنا حيوان السيع بخلاف السبع المراد بها العدد سبعة فان الباء تسكن كما في سورة المؤمنون الاية 86
- قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم - ولا تنسى قراءاة كتاب اسمه الاخطاء الشائعة في قراءة حفص وهذا رابطه لتحميله https://archive.org/download/akhtaaa...ng-of-hafs/pdf
واسمع اليها في تلاوة عندليب الاسكندرية الخاشع الشيخ شعبان محمود عبد الله السورة رقم 5 المائدة في الاية رقم 3 والسورة رقم 23 المؤمنون
حيث يقف الشيخ على كلمة السبع في سورة المائدة لتوضيح ضم الباء
وحين تفتح لك الصفحة اقرا فيها كيفية الحصول على كل مصاحف صوت القاهرةبجودة رهيبة لا تصدق سي دي اوديو معدل الجودة 1411 ك ب
وايضا بجودة رهيبة ام بي ثري معدل الجودة 128 كيلو بايت
ايضا تجد في نفس الصفحة
رابط ل ملف مضغوط zip فيه روابط ل 696 مصحف مقسمين الى روابط تورنت ومباشرة وجودة فلاك مع الشرح كيف تكفر عن ذنوبك وتكسب ملايين الحسنات عن طريق التورنت
مع برنامج تورنت سريع وشرح كيفية عمله
مع هدايا اخرى ومفاجات
والهدية الرابعة
ستجد الخانة الثانية مكتوب فيها على اليسار كلمة
title
وامامها على اليمين مستطيل خالي
اكتب في المستطيل الخالي امام كلمة تيتل -----اكتب فيه اي شيء
ثم انتر او ثم اضغط على كلمة
search
اسفل الجدول الاول
وكلمة تيتل معناها العنوان --بعكس الخانة الاولى
any field
يعني اي مكان لكن لو كتبت امامها سيظهر لي نتائج كثيرة غير دقيقة
لكن الكتابة بجوار التتل افضل لكي يكون بحث اكثر دقة فانا مثلا ابحث عن مصحف العجمي
اكتب امام التتل كلمة العجمي
واذا اردت الملفات المبرمجة لبرنامج كلام الله
فاكتب في خانة البحث امام التتل كلمة---برنامج كلام الله ---ثم اكتب بجوارها اسم اي قارئ
واذا اردت اي مصحف مقسم صفحات او ايات
فاكتب في خانة البحث اسم اي قارئ و بجواره صفحات او ايات
حسب ما تريد
ولاحظ ان كتابة الكلمة حساسة
فحاول تجرب كل الاقتراحات يعني مثلا
مرة ابحث عن العجمي بالياء ---ومرة ابحث عن العجمى هكذا بدون نقط الياء
لان صاحب المصحف الذي رفعه لو كتبه بالياء اذن انا لازم اكتب في بحثي نقط الياء
لان موقع ارشيف دقيق في كتابة كلمة البحث بعكس جوجل الذي لا يدقق في كتابة كلمة البحث
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلمة محبة لدينها وأمتها
وهي على مذهب أهل السنة والجماعة
ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط
دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطاً بميزان الشرع المطهر